للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أيا جامع الدنيا لغير بلاغة … لمن تجمع الدنيا وأنت تموت

وإنكم لما علينا تُسلِّموا … نرُد عليكم واللسان صموت

[فصل]

ولنذكر من الحكايات ما يليق بكل فصل من هذين الفصلين، فما ينعطف على الأول: ما روي عن جابر الجعفي (١) قال: قال لي محمد بن علي بن حسين بن علي بن أبي طالب: ما الدنيا وما عسى أن تكون؟ هل هو إلَّا مركب ركبته، أو ثوب لبسته، أو امرأة أصبتها.

يا جابر إن المؤمنين لم يطمئنوا إلى الدنيا إلَّا إلى مؤنة وأكثرهم معونة، إن نسيت ذكرَّوك وإن ذكرت أعانوك، قوَّالين بالحق، قوَّامين بأمر اللَّه.

فأنزل الدنيا بمنزل نزلت فيه وارتحلت عنه، أو كخيال أصبته في منامك واستيقظت، وليس معك منه شيء، فاحفظ اللَّه ما استرعاك من دينه وحكمته.

وقد ذكرنا بعض هذا في أثناء الحكايات المتعلقة بالزهد.

نادرة: قال سلمان الفارسي: ثلاث أعجبتني حتى أضحكتني: مؤمل الدنيا والموت يطلبه، وغافل وليس مغفولًا عنه، وضاحك ملء فمه لا يدري أساخط عليه رب العالمين أم راض.

وثلاث أُخر أحزنتني حتى أبكتني: فراق محمد وحزبه، وهول المطلع، والوقوف بين يدي الجليل لا أدري إلى الجنة أو إلى النار (٢).


(١) جابر بن يزيد بن الحارث بن عبد يغوث، أبو عبد اللَّه أبو محمد الجعفي الكوفي، ضعيف، رافضي، أخرج له: أبو داود والترمذي وابن ماجه توفي سنه (١٢٧، ١٢٨، ١٣٢) ترجمته: تهذيب التهذيب (٢/ ٤٦)، وتقريب التهذيب (١/ ١٢٣)، والكاشف (١/ ١٧٧)، تاريخ البخاري الكبير (٢/ ٢١٠)، وتاريخ البخاري الصغير (٢/ ٩، ١٠)، الجرح والتعديل (١/ ٤٩٧)، ميزان الاعتدال (١/ ٣٧٩)، لسان الميزان (٧/ ١٨٨)، الوافي بالوفيات (١١/ ٣١)، البداية والنهاية (١٠/ ٢٩).
(٢) قال الذهبي نقلا عن جرير بن عبد اللَّه قال: نزلت بالصفاح في يوم شديد الحر فإذا رجل نائم مستظل بشجرة معه شيء من الطعام في مزور تحت رأسه وقد التف في عباءة فأمرت أن يظلل عليه ونزلنا فانتبه، فإذا هو سلمان فقلت: ما عرفناك، فقال: يا جرير تواضع في الدنيا فإنه من تواضع في الدنيا يرفعه اللَّه يوم القيامة، ومن يتعظم في الدنيا يضعه اللَّه يوم القيامة، يا جرير لو حرصت على أن تجد عودا يابسا في الجنة لم تجده، لأن أصول الشجر ذهب وفضة وأعلاها الثمار، يا جرير تدري ما ظلمة النار، قلت: لا، قال: ظلم الناس بعضهم بعضا. انظر تاريخ الإسلام وفيات (٣١ - ٤٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>