للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[مجلس في الشفاعة]

قال تعالى: ﴿مَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً حَسَنَةً يَكُنْ لَهُ نَصِيبٌ مِنْهَا﴾ (١).

وهي التي روعي فيها حق المسلم، ورفع عنه بها شر أو جلب إليه بها خيرًا، وابتغى بها وجه اللَّه، ولم يؤخذ عليها رشوة، وكانت في أمر جائز لا في حد من حدود اللَّه، ولا في حق من الحقوق، والسُّنَّة ما كان بخلاف ذلك.

وقيل الشفاعة الحسنة (٢): الدعوة للمسلم، والنصيب قول الملك: ولك بمثل، والسيئة الدعاء عليه، واللبيب متيقظ لحكم القرآن فيقدم على ما يسوغ ويحجم عن ضره غير غرّ ولا متغافل، وذكر النصيب في الخير والكفل في الشر من باب اليقين في البلاغة، ولا يصح أن يقال إن الكفل في الشر، فقد قال تعالى: ﴿يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ﴾ (٣).

وروينا في الصحيحين (٤) من حديث أبي موسى الأشعري قال: "كان رسول


(١) سورة النساء [٨٥].
أي من يسعى في أمر فيترتب عليه خير كان له نصيب من ذلك ﴿وَمَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً سَيِّئَةً يَكُنْ لَهُ كِفْلٌ مِنْهَا﴾ [النساء: ٨٥] أي يكون عليه وزر من ذلك الأمر الذي ترتب على سعيه ونيته كما ثبت في الصحيح عن النبي أنه قال: "اشفعوا تؤجروا ويقضي اللَّه على لسان نبيه ما شاء" وقال مجاهد بن جبر: نزلت هذه الآية في شفاعات الناس بعضهم لبعض. "تفسير ابن كثير [١/ ٥٣١] ".
(٢) في الحديث الآتي: "اشفعوا فلتؤجروا. . . " الحديث، قال النووي: فيه استحباب الشفاعة لأصحاب الحوائج المباحة سواء كانت الشفاعة إلى سلطان ووال ونحوهما أم إلى أحد من الناس، وسواء كانت الشفاعة إلى سلطان في كف ظلم أو إسقاط تعزير أو في تخليص عطاء لمحتاج أو نحو ذلك، وأما الشفاعة في الحدود فحرام، وكذا الشفاعة في تتميم باطل أو إبطال حق أو نحو ذلك فهي حرام. "النووي في شرح مسلم [١٦/ ١٤٦] ".
(٣) سورة الحديد [٢٨].
(٤) أخرجه البخاري في صحيحه [١٤٣٢] كتاب الزكاة، باب التحريض على الصدقة والشفاعة فيها، ومسلم في صحيحه [١٤٥ - (٢٦٢٧)] كتاب البر والصلة والآداب، [٤٤] باب استحباب الشفاعة فيما ليس بحرام، وأبو داود في سننه [٥١٣٢]، والنسائي [٥/ ٧٨ - المجتبى]، وأحمد في مسنده [٤/ ٤٠٤، ٤٠٩]، والبيهقي في السنن الكبرى [٨/ ١٦٧]، والتبريزي في مشكاة المصابيح [٤٩٥٦].

<<  <  ج: ص:  >  >>