للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وصغرت الدنيا في عيني.

وفي أمثاله قيل:

عبيد لمولاهم تعالى وغيرهم … عبيد الهوى بين الفريقين كالثرى

وعلو الثريا في ارتفاع مقامهم … بهم يدفع اللَّه البلايا عن الورى

[فصل]

عن إبراهيم الخواص (١) -رحمة اللَّه عليه- قال: رأيت بالبصرة مملوكًا في السوق ينادي عليه: من يشتري هذا الغلام؟ فقلت للبائع: بكم هذا الغلام؟ فقال: بما أردت فإنه مجنون، فأعطيته ثمنه وقلت في نفسي قد أعتقته لوجهك.

فالتفت إليَّ وقال: يا إبراهيم إن كنت أعتقتني في الدنيا فقد أعتقك اللَّه في الآخرة من النار، ثم غاب عني فلم أره.

[فصل]

عن عبد الواحد بن زيد (٢) قال: اشتريت غلاما على شرط الخدمة، فلما جن الليل طلبته في داري فلم أجده، والأبواب على حالها مغلقة فلما أصبحت جاء وأعطاني درهما منقوشا عليه سورة الإخلاص (٣) فقلت له: من أين لك؟ قال: يا


(١) إبراهيم بن إسماعيل الخواص: كان من أقران الجنيد والثوري، وله في الرياضات والسياحات مقام طويل، مات بجامع الري سنة (٢٩١) مات بعلة البطن، وكان كلما قام توضأ وصلى ركعتين فدخل الماء يوما فمات وسط الماء، وكان يقول: إنما العلم لمن اتبع العلم واستعمله واقتدى بالسنن وإن كان قليل العلم، وكان يقول: التاجر برأس مال غيره مفلس، وكان يقول: على قدر إعزاز المؤمن لأمر اللَّه يلبسه اللَّه من عزه ويقيم له العز في قلوب المؤمنين.
(٢) قال ابن حبان: كان ممن غلب عليه العبادة حتى غفل عن الإتقان، فكثرت المناكير في حديثه.
وكان شيخ الصوفية، قال أحمد بن أبي الحواري: قال لي أبو سليمان: أصاب عبد الواحد الفالج فسأل اللَّه أن يطلقه في وقت الوضوء، فإذا أراد أن يتوضأ انطلق وإذا رجع إلى سريره فلج.
قال ابن الأعرابي: قال عبد الواحد: بالمحبة على مذهب أهل الخصوص، ولو صدق نفسه لاضطرب قوله بالمحبة إلى القول بالسنة والكتاب، ولكنه سامح نفسه وتكلم في الشوق والغرق والأنس، وجميع فرع المحبة التي قال بها أهل الإثبات.
(٣) روى الترمذي في سننه (٢٨٩٩) في فضائل القرآن، باب ما جاء في سورة الإخلاص، عن أبي هريرة قال: قال رسول اللَّه : " ﴿قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (١)﴾ [الإخلاص: ١] تعدل ثلث القرآن" وقد رواه مسلم في صلاة المسافرين، باب فضل قراءة ﴿قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (١)﴾ عن أبي هريرة بأطول من ذلك.

<<  <  ج: ص:  >  >>