للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وحصِّل الزاد قبل أن … تبقى عليه ندمان

[فصل في أشعار أخرى]

روى أن بعض المتعبدين أتى قبر صاحب له كان يألفه، وأنشد: (١)

ما لي مررت على القبور مسلِّمًا … قبر الحبيب فلم يرد جوابي

أحبيب ما لك لا تُجيب مناديًا … أمللت (٢) بَعدي خِلَّة الأحباب

فهتف بي هاتف من جانب القبر يقول:

قال الحبيب وكيف لي بجوابكم … وأنا الرهين بجندل (٣) وتراب

أكل التراب محاسني فنسيتكم … وأُحجبت عن أهلي وعن أحبابي

وحضرت الحسين بن هاني الوفاة وأنشد:

دبَّ في السقام سفلًا وعلوا … وأراني أموت عضوا فعضوا

ليس من ساعة بدت لي إلَّا … نغصتني (٤) بمُرِّها بي حلوا

لهف نفسي على ليال نُقضت … وسنين مضين لعبًا ولهوا

قد أسأنا كل الإساءة جهرًا … ومن اللَّه نطلب الآن عفوا

شعر:

معارف في الثرى هجوع (٥) … والقلب من بعدهم صدوع

تكدَّرت بعدهم حياتي … فأوحشت منهم الربوع (٦)

كانوا سروري ونور عيني … فما لها بعدهم هجوع

ماتوا فماتت لذَّات عيشي … وبالأسى ذابت الضلوع

يا نفس كم من جموع وصل … فرقها للردى ولوع (٧)


(١) مر ذلك من قبل عن علي بن أبي طالب.
(٢) مَلَّ: فلان الشيء، سئمه، فهو ملّ.
(٣) الجنادل: الشديد العظيم.
(٤) نغَّص: فلانا: كدَّر عيشه، وتنغصت معيشه: تكدَّرت.
(٥) هَجَعَ: هجوعًا: نام ليلًا، والهجعة: النومة الخفيفة من أول الليل.
(٦) الرَّبع: الموضع ينزل فيه زمن الربيع، وتطلق على الدار.
(٧) وَلَعَ بفلان ولعًا: تعلق به بشدة، أُولع به: تعلَّق بشدة.

<<  <  ج: ص:  >  >>