للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[مجلس في فضل بر أصدقاء الأب والأم]

والأقارب والزوجة وسائر من يندب إكرامه.

روينا في صحيح مسلم من حديث ابن عمر مرفوعًا: "أبر البر أن يصل الرجل ودَّ أبيه" (١)، وفي رواية له: أن ابن عمر أعطى أعرابيًا دابة وعمامة لأنه كان ودَّ أبيه. (٢)

قلت: وهذا التعبير أعني أنه أبر البر، أعلا المراتب، ولقد كان ابن عمر شديد الاتباع، فبرَّ هذا الأعرابي صديق والده بما قدر عليه. (٣)

وروينا في سنن أبي داود من حديث أبي أسيد مالك بن ربيعة الساعدي قال: بينما نحن جلوس عند رسول اللَّه إذ جاءه رجل من بني سلمة فقال: يا رسول اللَّه هل بقي من بر أبويّ شيء أبرهما به بعد موتهما؟ قال: "نعم؛ الصلاة عليهما، والاستغفار لهما، وإنفاذ عهدهما من بعدهما، وصلة الرحم التي لا توصل إلا بهما، وإكرام صديقهما" (٤).

وروينا في الصحيحين من حديث عائشة قالت: "ما غِرْتُ على أحد من نساء رسول اللَّه ما غرت على خديجة، وما رأيتها قط، ولكن كان النبي يكثر ذكرها، وربما ذبح الشاة، ثم يقطعها أعضاء، ثم يبعثها في صدائق خديجة، فربما قلت له: كأنه لم يكن في الدنيا إلا خديجة؟ فيقول: "إنها كانت وكانت، وكان لي


(١) أخرجه مسلم في صحيحه [١٢ - (٢٥٥٢)] كتاب البر والصلة والآداب، [٤] باب فضل صلة أصدقاء الأب والأم ونحوهما.
(٢) أخرجه بقصة الأعرابي مسلم في صحيحه [١١ - (٢٥٥٢)] كتاب البر والصلة والآداب، [٤] باب فضل صلة أصدقاء الأب والأم ونحوهما.
(٣) الود هنا مضموم الواو، وفي هذا فضل صلة أصدقاء الأب والإحسان إليهم وإكرامهم، وهو متضمن لبر الأب وإكرامه لكونه يسببه وتلتحق به أصدقاء الأم والأجداد والمشايخ والزوج، وقد سبق أحاديث إكرامه خلائل خديجة. "انظر النووي في شرح مسلم [١٦/ ٨٩] طبعة دار الكتب العلمية".
(٤) أخرجه أبو داود في سننه [٥١٤٢] كتاب الأدب، باب في بر الوالدين، وابن ماجه في سننه [٣٦٦٤] كتاب الأدب، [٢] باب صل من كان أبوك يصل، والحاكم في المستدرك [٤/ ١٥٥]، والمنذري في الترغيب والترهيب [٣/ ٣٢٣]، والتبريزي في مشكاة المصابيح [٤٩٣٦].

<<  <  ج: ص:  >  >>