للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[مجلس في الحج]

فيه آيات: الأولى: قال تعالى: ﴿وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ (٩٧)(١).

أي كفر بفريضته أو كفر بالآيات التي في المقام، واللام لام الاستحقاق، فهو تصريح بالوجوب والاستحقاق وذكر اسم الألوهية مع معنى وعموم وجوبه المتعلق بالناس كافة والاستطاعة معتبرة في وجوب مباشرته بالإجماع، لكنها مختلفة بين أهل الاتباع فعند الإمام مالك إنها حاصلة بقوة المشي عند الإطاقة، وعند الباقي الآية مظنة المشقة والطاقة. وقد روي عن سيد الأنام من طرق تفسيرها بالزاد والراحلة (٢) وفيه مقنع لمن اعتبر ووالي وابتصر، وفرق بين استطاعة واستطاعة فيه. وذلك يصل إلى الحقيقة، وإضافة سبيله إلى البيت المفخم لعظم شأنه ومكانته ومكانه.

الثانية: قوله تعالى: ﴿وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ (٢٧) لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ﴾ (٣).


(١) سورة آل عمران (٩٧).
هذه آية وجوب الحج عند الجمهور، وقيل: بل هي قوله: ﴿وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ﴾ [البقرة: ١٩٦] والأول أظهر، وقد وردت الأحاديث المتعددة بأنه أحد أركان الإسلام ودعائمه وقواعده، وأجمع المسلمون على ذلك إجماعًا ضروريًا، وإنما يجب على المكلف في العمر مرة واحدة بالنص والإجماع. [تفسير ابن كثير (١/ ٣٨٥)].
(٢) روى الترمذي في سننه (٨١٢) كتاب الحج، باب ما جاء في التغليظ في ترك الحج، عن علي قال: قال رسول اللَّه : "من ملك زادًا وراحلة تبلغه إلى بيت اللَّه ولم يحج فلا عليه أن يموت يهوديًا أو نصرانيًا" وذلك أن اللَّه يقول في كتابه: ﴿وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا﴾ [آل عمران: ٩٧].
(٣) سورة الحج (٢٧، ٢٨).
أى نادي في الناس داعيا لهم إلى الحج هذا البيت الذى أمرناك ببنائه، فذكر أنه قال: يا رب كيف أبلغ الناس وصوتي لا ينفذهم، فقال: نادي وعلينا البلاغ، فقام على مقامه وقيل على الحجر، وقيل على الصفا، وقيل على أبى قبيس وقال: يا أيها الناس إن ربكم قد اتخذ بيتًا فحجوه، فيقال إن الجبال تواضعت حتى بلغ الصوت أرجاء الأرض وأسمع من في الأرحام والأصلاب وأجابه كل شيء سمعه من حجر ومدر وشجر، ومن كتب اللَّه أنه يحج إلى يوم القيامة لبيك اللهم لبيك. [تفسير ابن كثير (٣/ ٢٢٢)].

<<  <  ج: ص:  >  >>