للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والنهى والأمر المطاع … بذروة (١) القصر الرفيع

إن لم تجبك ديارهم … يا صاح بالأمر الفظيع

فلسان حالهم يقول … أما نظرت إلى الربوع

قد أصبحت مهجورة … من بعد منظرها البديع

هيهات أن ينجو غدًا … من العذاب سوى المطيع

[فصل]

ونذكر حكايات تليق بالثاني:

فالأولى: حُكِيَ أن امرأة يقال لها ناهبة لما أشرفت على الموت رفعت رأسها إلى السماء وقالت: يا ذُخري (٢) وذخيرتي، ومن عليه اعتمادي، لا تخذلني عند الموت ولا توحشني.

فلما ماتت كان لها ولد يأتي كل ليلة جمعة، ويوم جمعة يقرأ عندها شيئًا من القرآن.

ويدعو ويستغفر لها ولأهل المقابر.

قال: فرأيتها في المنام، فسلَّمت عليها وقلت: يا أُماه كيف أنت؟ وكيف حالك؟

قالت: يا بني إن للموت كربة شديدة، وأنا بحمد اللَّه في برزخ محمود، نفترش فيه الريحان، ونتوسد فيه السندس والاستبرق إلى يوم القيامة.

فقلت: ألك حاجة؟

قالت: يا بني لا تدع ما أنت عليه من زيارتنا والقراءة والدعاء لنا، فإني يا بني أُسرُّ بمجيئك إلينا ليلة الجمعة ويومها (٣).


(١) الذروة: ذروة كل شيء: أعلاه، جمعها: ذُرا.
(٢) ذخر الشيء ذخرًا، وذخرًا جمعه وحفظه لوقت الحاجة إليه.
(٣) قال النووي في حديث عائشة في الصدقة عن الميت ووصول ثوابها إليه: وفي الحديث أن الصدقة عن الميت تنفع الميت ويصله ثوابها وهو كذلك بإجماع العلماء، وكذا أجمعوا على وصول الدعاء وقضاء الدين بالنصوص الواردة في الجميع، ويصح الحج عن الميت إذا كان حج الإسلام، وكذا إذا وصى بحج التطوع على الأصح عندنا، واختلف العلماء في الصوم إذا مات وعليه صوم فالراجح جوازه عنه للأحاديث الصحيحة فيه والمشهور في مذهبنا أن قراءة القرآن لا يصله ثوابها، وقال جماعة من أصحابنا: يصله ثوابها وبه قال أحمد بن حنبل، وأما الصلاة وسائر الطاعات فلا تصله عندنا ولا عند الجمهور. =

<<  <  ج: ص:  >  >>