للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مجلس في قوله تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ﴾ (١) الآيات.

"طيبات": خيار، نظيره: ﴿لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ﴾ [آل عمران: ٩٢] أو حلالات.

دليله: ﴿كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ﴾ [المؤمنون: ٥١]، و ﴿كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ﴾.

وفي الحديث (٢): "إن اللَّه قسم بينكم أخلاقكم كما قسم بينكم أرزاقكم، وإن اللَّه تعالى طيب لا يقبل إلا الطيب (٣)، لا يكسب عبد مالا من حرام فيتصدق به فيقبل منه ولا ينفق منه فيبارك له فيه، ولا يتركه خلف ظهره إلا كان زاده إلى النار، وإن اللَّه لا يمحو السيئ بالسيئ، ولكن يمحو السيئ بالحسن؛ فإن الخبيث لا يمحو الخبيث، ما كسبتم بالتجارة والصناعة".

ويروى من حديث ابن عباس مرفوعا: "البركة في التجارة، وصاحبها لا يفتقر، إلا تاجر حلاف مهين".

﴿وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ﴾ [البقرة: ٢٦٧]: يعني الحبوب والثمار التي تقتات وتدخر مما يجب فيه الزكاة (٤).


(١) سورة البقرة (٢٦٧).
(٢) أخرجه وأحمد في مسنده (١/ ٣٨٧)، والحاكم في المستدرك (١/ ٣٣، ٢/ ٤٤٧)، والهيثمي في مجمع الزوائد (١٠/ ٩٠، ٢٢٨)، والتبريزي في مشكاة المصابيح (٤٩٩٤)، والمنذري في الترغيب والترهيب (٢/ ٥٤٩، ٣/ ٣٥٤)، وأبو نعيم في حلية الأولياء (٤/ ١٦٦)، والسيوطي في الدر المنثور (٢/ ١٥٩)، وابن الجوزي في العلل المتناهية (٢/ ٣٥٢).
(٣) قال القاضي: الطيب في صفة اللَّه تعالى بمعنى المنزه عن النقائص، وهو بمعنى القدوس، وأصل الطيب الزكاة والطهارة والسلامة من الخبث، وهذا الحديث أحد الأحاديث التي هي من قواعد الإسلام ومباني الأحكام، وفيه الحث على الإنفاق من الحلال، والنهي عن الإنفاق من غيره، وفيه أن المشروب والمأكول والملبوس ونحو ذلك ينبغي أن يكون حلالا خالصا لا شبهة فيه. [النووي في شرح مسلم (٧/ ٨٨) طبعة دار الكتب العلمية].
(٤) الزكاة: هي في اللغة النماء والتطهير، فالمال ينمى بها من حيث لا يرى، وهي مطهرة لمؤديها من الذنوب، وقيل: ينمى أجرها عند اللَّه تعالى، وسميت في الشرع زكاة لوجود المعنى اللغوي فيها، وقيل لأنها تزكي صاحبها وتشهد بصحة إيمانه، وسميت صدقة لأنها دليل لتصديق صاحبها وصحة إيمانه بظاهره وباطنه. قال القاضي عياض: قال المازري: قد أفهم الشرع أن الزكاة وجبت =

<<  <  ج: ص:  >  >>