للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شدة القرب بأحسن من قوله: "جاءت الراجفة تتبعها الرادفة (١)، جاء الموت".

وقد حصل من مجموع ما ذكرناه أسباب ذكر الموت ودفع موانعه من غفلة ونحوها.

والترغيب في الاستعداد له، والتحذير من التسويف والإشارة إلى فوائد ذكر الموت، وإنه واقع لا محالة عن قرب.

[فصل]

توفي نبينا وقد بلغ من العمر ثلاث وستين سنة (٢) على الأصح يوم الاثنين حيث اشتد الضحى لاثنتي عشرة ليلة خلت من ربيع الأول.

ومرض أربعة عشر يومًا ودفن ليلة الأربعاء ولما حضره الموت كان عنده قدح فيه ماء فجعل يدخل يده فيه ويمسح وجهه ويقول: "اللهم أعني على سكرات الموت" (٣)، وسُجِّي بُرد حبر. وقيل إن الملائكة سجّته.

وكَرِبَ بعض أصحابه بموته، دهش عمر، وخرس عثمان، وأقعد علي، ولم يكن فيهم أثبت من العباس والصديق.

وأكب الصديق على وجهه يُقبله وقال: بأبي أنت وأمي أما الموتة التي كتبها اللَّه عليك فقد ذقتها ثم لم يصبك بها موتة أبدًا.

ثم خرج إلى الناس وحمد اللَّه وأثنى عليه ثم قال: أيها الناس من كان يعبد


(١) قال ابن عباس: هما النفختان الأولى والثانية وهكذا قال مجاهد والحسن وقتادة والضحاك وغير واحد، وعن مجاهد أما الأولى وهي قوله جل وعلا ﴿يَوْمَ تَرْجُفُ الرَّاجِفَةُ (٦)﴾ [النازعات: ٦] فكقوله جلت عظمته ﴿يَوْمَ تَرْجُفُ الْأَرْضُ وَالْجِبَالُ﴾ [المزمل: ١٤]، والثانية وهي الرادفة فهي كقوله ﴿وَحُمِلَتِ الْأَرْضُ وَالْجِبَالُ فَدُكَّتَا دَكَّةً وَاحِدَةً (١٤)﴾ [الحاقة: ١٤] تفسير ابن كثير (٤/ ٤٦٦).
(٢) روى البخاري في صحيحه (٤٤٦٦) كتاب المغازي، ٨٧ - باب وفاة النبي، ومسلم في صحيحه [١١٥ - (٢٣٤٩)] كتاب الفضائل، ٣٢ - باب كم سن النبي يوم قبض، عن عائشة: أن رسول اللَّه توفي وهو ابن ثلاث وستين سنة" وكذا رواه عن أنس. وفي عمر النبي قال النووي ذكر في الباب ثلاث روايات: إحداها: أنه توفي وهو ابن ستين سنة، والثانية خمس وستون. والثالثة: ثلاث وستون وهو أصحها وأشهرها. [شرح مسلم للنووي (١٥/ ٨١) طبعة دار الكتب العلمية].
(٣) أخرجه أحمد في مسنده (٦/ ٦٤، ٧٠، ٧٧) وابن ماجه في سننه (٧/ ٢٠٨)، والسيوطي في الدر المنثور (٦/ ١٠٥)، والتبريزي في مشكاة المصابيح (١٥٦٤)، والخطيب في تاريخ بغداد (٧/ ٢٠٨) والزبيدي في الإتحاف (٩/ ١٣، ١٠/ ٢٦٣)، والعراقي في المغني عن حمل الأسفار (٤/ ٦٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>