للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل في علامات حب اللَّه للعبد والحث على التخلق بهذا والسعي في تحصيلها

قال تعالى: ﴿قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ﴾ (١) الآية.

وقال: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ﴾ (٢) الآية.

وروينا في صحيح البخاري من حديث أبي هريرة مرفوعًا: "إن اللَّه -تعالى- قال: من عادى لي وليًا فقد آذنته بالحرب، وما تقرب إليَّ عبدي بشيء أحب إليَّ مما افترضت عليه، وما يزال عبدي يتقرب إليَّ بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، وان سألني أعطيته، ولئن استعاذني لأعيذنه" (٣).

وروينا في الصحيحين من حديثه مرفوعًا: "إذا أحب اللَّه العبد نادى جبريل: إن اللَّه يحب فلانًا فأحبه، فيحبه جبريل، فينادي في أهل السماء: إن اللَّه يحب فلانًا فأحبوه، فيحبه أهل السماء، ثم يوضع له القبول في الأرض" (٤) وذكر في البغض مثله.

وروينا فيهما من حديث عائشة: إن رسول اللَّه بعث رجلًا على سرية، فكان يقرأ لأصحابه في صلاتهم يختم بـ ﴿قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (١)[الإخلاص: ١] فلما رجعوا ذكر ذلك لرسول اللَّه فقال: "سلوه لأي شيء يصنع ذلك" فسألوه، فقال: لأنها صفة


(١) سورة آل عمران [٣١].
هذه الآية الكريمة حاكمة على كل من ادعى محبة اللَّه وليس على الطريقة المحمدية، فإنه كاذب في نفس الأمر حتى يبلغ الشرع المحمدي والدين النبوي في جميع أقواله وأفعاله، وقوله: ﴿إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ﴾ [آل عمران: ٣١] أي يحصل لكم فوق ما طلبتم من محبتكم إياه وهو محبته إياكم، وهو أعظم من الأول كما قال بعض العلماء الحكماء: ليس الشأن أن تحب إنما الشأن أن تُحب. "تفسير ابن كثير [١/ ٣٥٨] ".
(٢) سورة المائدة [٥٤].
(٣) أخرجه البخاري في صحيحه [٦٥٠٢] كتاب الرقاق، [٣٨] باب التواضع، وابن ماجه في سننه [٣٩٨٩] كتاب الفتن [١٦] باب من ترجى له السلامة من الفتن، والبيهقي في السنن الكبرى [٣/ ٣٤٦]، وابن حجر في التلخيص [٣/ ١١٧]، والحاكم في المستدرك [٤/ ٣٢٨]، والزبيدي في الإتحاف [٨/ ١٠٢].
(٤) أخرجه البخاري في صحيحه [٦٠٤٠] كتاب الأدب، [٤١] باب المقة من اللَّه، أخرجه مسلم في صحيحه [١٥٧ - (٢٦٣٧)] كتاب البر والصلة والآداب، [٤٨] باب إذا أحب اللَّه عبدًا حببه إلى عباده، وأحمد في مسنده [٥/ ٢٥٩]، [٥/ ٢٦٣]، وأبو نعيم في حلية الأولياء [١٠/ ٣٠٦]، وعبد الرزاق في مصنفه [١٩٦٧٣]، والزبيدي في الإتحاف [٨/ ٣١٠].

<<  <  ج: ص:  >  >>