للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرحمن (١)، فانا أحب أن أقرأ بها، فقال : "أخبروه أن اللَّه يحبه" (٢).

وروينا عن مجاهد قال: "قال لي ابن عمر: أحب في اللَّه وأبغض في اللَّه، وعادِ في اللَّه، فإنك لا تنال ولاية اللَّه إلا بذلك، ولا يجد رجل طعم الإيمان وإن كثرت صلاته وصيامه حتى يكون كذلك" فقد صارت مواخاة الناس في أمر الدنيا، وإن ذلك لا يجزئ عن أهله شيئًا.

وقال أبو موسى: سمعت رجلًا سأل أبا يزيد فقال: دلني على عمل أتقرب به إلى ربي؟ قال: أحبب أولياءه ليحبوك، وإن اللَّه -تعالى- ينظر إلى قلوب أوليائه، فلعله ينظر اسمك في قلب وليه فيغفر لك".

ولنذكر حكايات تليق بذلك: فالأولى: قيل: إن رجلًا أتى العلاء بن زياد (٣) فقال له: إن آتيًا أتاني في منامي فقال: إئت العلاء بن زياد وقل له: كم تبكي فقد غفر اللَّه لك، قال: فبكى، ثم قال: حق لي أن أبكي.

وما في الأرض أشقى من محب … وإن وجد (المنوي) (٤) حلو المذاق

تراه باكيًا في كل حين … مخافة فرقة أو لاشتياقي

فبكى إن ناءوا شوقًا إليهم … ويبكي إن دنوا خوف الفراق


(١) قال النووي في قوله: "لأنها صفة الرحمن فانا أحب أن أقرأ بها" "أخبروه أن اللَّه يحبه": قال المازري: محبة اللَّه -تعالى- لعباده إرادة ثوابهم وتنعيمهم، وقيل: محبته لهم نفس الإثابة والتنعيم لا الإرادة، قال القاضي: وأما محبتهم له سبحانه فلا يبعد فيها الميل منهم إليه -سبحانه- وهو متقدس على الميل، قال: وقيل: محبتهم له استقامتهم على طاعته، وقيل: الاستقامة ثمرة المحبة وحقيقة المحبة له ميلهم إليه لاستحقاقه المحبة من جميع وجوهها. "النووي في شرح مسلم [٦/ ٨٣] طبعة دار الكتب العلمية".
(٢) أخرجه البخاري في صحيحه [٧٧٤ م]، كتاب الأذان، [١٠٦] باب الجمع بين السورتين في الركعة، ومسلم في صحيحه [٢٦٣ - (٨١٣)] كتاب صلاة المسافرين وقصرها، [٤٥] باب فضل قراءة قل هو اللَّه أحد، والترمذي [٢٩٠١] كتاب فضائل القرآن، باب ما جاء في سورة الإخلاص، والنسائي [٢/ ١٧١ - المجتبى]، والمنذري في الترغيب والترهيب [٢/ ٣٨١]، والتبريزي في مشكاة المصابيح [٢١٢٩].
(٣) العلاء بن زياد بن مطر بن شريح، أبو نصر العدوي البصري، ثقة، أحد العباد، أرسل عن النبي حديثًا، وكان زاهدًا خاشعًا قانتًا للَّه بكَّاء، أخرج له البخاري تعليقًا، وأبو داود في المراسيل، والنسائي، وابن ماجه، توفي سنة [٩٤]. ترجمة: تهذيب التهذيب [٨/ ١٨١]، تقريب التهذيب [٢/ ٩٢]، الكاشف [٢/ ٣٦٠]، تاريخ البخاري الكبير [٦/ ٥٠٧]، تراجم الأحبار [٣/ ١٧١].
(٤) كذا بالأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>