للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال شاه الكرماني (١): ما تعبد متعبد بأكثر من التحبب إلى أولياء اللَّه؛ لأن محبة أولياء اللَّه تؤدي إلى محبة اللَّه تعالى.

[فصل]

وقد وقع من كراماتهم إحياء الموتى كما وقع لأبي عبيد البسري أحد شيوخ الرسالة، فيما حكاه القشيري في رسالته أنه غزا سنة من السنين. فخرج في السرية، فمات المهر الذي كان تحته وهو في البرية، فقال: يا رب أعرنيه حتى نرجع إلى بسر -يعني قريته (٢) - فإذا المهر قائم. فلما غزا ورجع إلى بلده قال لابنه: يا بني خذ السرج عن المهر، فإنه عارية، فأخذه فمات (٣).

وحكى فيها أيضا أن بعض أهل اليمن نفق حماره في الطريق، فتوضأ وصلى ركعتين ثم قال: اللهم إني جئت مجاهدا في سبيلك، وابتغاء مرضاتك، وإني أشهد أنك تحيي الموتى، وتبعث من في القبور، لا تجعل لأحد على منة اليوم، أطلب إليك أن تبعث حماري، فقام الحمار ينفض أذنيه.

وحكاه غيره عن الشعبي (٤)، وفيها أيضا عن محمد بن سعيد البصري قال: بينما أنا أمشي في بعض طرق البصرة إذ رأيت أعرابيا يسوق جملا فالتفت فإذا الجمل وقع


= فانقطع ببادية الحجاز فنهشته السباع سنة (٢٤٥). [تاريخ الإسلام (٢٤١ - ٢٥٠)].
(١) شاه بن شجاع أبو الفوارس الكرماني الزاهد، قال السلمي: كان من أولاد الملوك فتزهد وصحب أبا تراب النخشبي وغيره، وقال أبو نعيم: كان من أبناء الملوك فتشمر للسلوك.
وقال إسماعيل بن مخلد: كان شاه حادَّ الفراسة، قل ما أخطأت فراسته، ومن أقواله: من عرف ربه طمع في عفوه ورجاء فضله، وتوفي بعد سنة (٢٩٠) وقيل قبل ذلك، فاللَّه أعلم، ومات بكرمان. [تاريخ الإسلام، وفيات (٢٩١ - ٣٠٠)].
(٢) و (٣) أبو عبيد البسري، الصوفي الزاهد، واسمه محمد بن حسان الغساني، وحدث عن سعيد بن منصور، وآدم بن أبي إياس، وأبي الجماهر محمد بن عثمان، وجماعة. ساق الذهبي القصة ومعها قصص أخرى عن صيامه لشهير رمضان بلا طعام ولا شراب، ثم قال الذهبي بعد حكاية صيامه هذه: هذه حكاية بعيدة الصحة، وفيها مخالفة السنة بالوصال، وفيها ترك الجمعة للجماعة، وغير ذلك، ذكرتها للفرجة لا للحجة، ثم قال الذهبي في آخر ترجمته: وروى له ابن جهضم حكايات من هذا النمط. مات سنة (٢٦٠) [تاريخ الإسلام، وفيات (٢٥١ - ٢٦٠)].
(٤) الشعبي هو عامر بن شراحيل، أبو عمرو، علامة أهل الكوفة في زمانه، ولد في وسط خلافة عمر، روى عن علي يسيرًا، والمغيرة بن شعبة، وعمران بن حصين وعائشة، وأبي هريرة وجرير البجلي وابن عباس وعدي بن حاتم ومسروق وخلق كثير.
مرَّ ابن عمر بالشعبي وهو يقرأ المغازي فقال: كأنه كان شاهدا معنا، ولهو أحفظ لها مني وأعلم. توفي سنة (١٠٤)، (١٠٥)، (١٠٦)، وقيل غير ذلك.

<<  <  ج: ص:  >  >>