للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[مجلس في اليقين والتوكل]

وحقيقته الاعتماد على اللَّه لشهوده تفرده بالتدبير والتأثير، وأن لا حول ولا قوة إلا به، ويترتب عليه التفويض دون الإضاعة، وخلع الأسباب دون إسقاطها، والثقة باللَّه دون الغرة به عجزًا وحمقًا، والسكون إلى اللَّه دون مساكنة السبب، ومناولة الرضا بالقدر (١)، والاتصاف بذلك كله حالًا وذوقًا، ودعاء الاستخارة (٢) جامع لوظائف المتوكل الثلاث، وهي: العلم، والحال، والعمل، فليحتفل به.

قال تعالى: ﴿وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا (٢٢)(٣).

فلما رأوا الوقائع قوي إيمانهم، وأناطت الدوافع.

وقال: ﴿الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ﴾ (٤) الآية.

فلما سمعوا التهويل زادهم، وألهجهم بالحسبلة والتسليم، فعقب ذلك الجميل.

وقال: ﴿وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ﴾ (٥).


(١) مذهب أهل الحق إثبات القدر، ومعناه أن اللَّه قدر الأشياء في القدر وعلم -سبحانه- أنها ستقع في أوقات معلومة عنده وعلى صفات مخصوصة، فهي تقع على حسب ما قدرها وأنكرت القدرية هذا وزعمت أنه لم يقدرها ولم يتقدم علمه بها، وأنها مستأنفة العلم، أي إنما يعلمها بعد وقوعها، وكذبوا على اللَّه وجل عن أقوالهم الباطلة علوًا كبيرًا. النووي في شرح مسلم [١/ ١٣٨]. طبعة دار الكتب العلمية.
(٢) دعاء الاستخارة رواه البخاري [١١٦٢، ٦٣٨٢] وفيه عن جابر قال: "كان رسول اللَّه يعلمنا الاستخارة في الأمور كلها كما يعلمنا السورة من القرآن، يقول: "إذا هم أحدكم بالأمر فليركع ركعتين من غير الفريضة ثم ليقل: اللهم إني استخيرك بعلمك وأستقدرك بقدرتك وأسألك من فضلك العظيم، فإنك تقدر ولا أقدر، وتعلم ولا أعلم وأنت علام الغيوب، اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر خير لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري -أو قال عاجل أمري وآجله- فاقدره لي ويسره لي ثم بارك لي فيه، وإن كنت تعلم أن هذا الأمر شر لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري -أو قال: في عاجل أمري وآجله- فاصرفه عني واصرفني عنه، واقدر لي الخير حيث كان ثم أرضني به" قال: ويسمي حاجته".
(٣) سورة الأحزاب [٢٢].
(٤) سورة آل عمران [١٧٣].
(٥) سورة الفرقان [٥٨].

<<  <  ج: ص:  >  >>