للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأخرى، فأكلتها، وهي حامضة، وكانت شجرة قصيرة. فلما رجعنا من زيارتنا إذ هي شجرة عالية، ورمانها حلو، وتثمر في كل عام مرتين. وسميت رمانة العابدين لإيوائهم إلى ظلها.

[فصل]

قال بعضهم: كنت مع ذي النون (١) بالبادية، فنزلنا تحت شجرة أم غيلان فقلنا: ما أطيب هذا الموضع لو كان فيه رطب. فتبسم ذو النون وقال: تشتهونه؟ فحركها وقال: أقسمت عليك بالذي ابتداك وخلقك إلا نثرت علينا رطبا جنيا.

ثم حركها، فنثرت رطبا جنيا، فأكلنا وشبعنا. ثم نمنا وانتبهنا، وحركناها، فنثرت علينا شوكا.

[فصل]

قال بعضهم: دخلت على أبي علي أبي الخير فناولني تفاحتين فجعلتهما في جيبي وقلت: لا آكل منهما شيئا، وأتبرك بهما. فكانت تجري علي أوقات ولا آكلهما حتى أجهدتني الطاقة. فأخرجت واحدة فأكلتها، ثم أدخلت يدي لأخرج الأخرى، فإذا بالتفاحتين مكانهما، فما زلت آكل منهما حتى دخلت الموصل. فجزت على خراب، وإذا بعليل ينادي من داخل الخراب: أشتهي تفاحة، ولم يكن تفاح، فأخرجت التفاحتين فدفعتهما إليه فأكل ومات، فعلمت أن الشيخ إنما أعطاهما من أجله.

[فصل]

عن بعضهم قال: كنت جالسا بمسجد المدينة ومعي رجل من أهل البحرين يقال له خير، فدخل من باب المسجد سبعة أنفس، فقال لي خير: الحق القوم، لا يفوتوك، فإنهم أولياء اللَّه، فقمت خلفهم، فإذا هم عند قبر رسول اللَّه (٢).


(١) قال يوسف بن الحسين حضرت مع ذي النون مجلس المتوكل، وكان مولعا به، يفضله على العُبَّاد والزهاد، فقال: يا أبا الفيض صف لي أولياء اللَّه، قال: يا أمير المؤمنين هم قوم ألبسهم اللَّه النور الساطع من محبته، وجللهم بالبهاء من أردية كرامته، ووضع على مفارقهم تيجان مسرته، ونشر لهم المحبة في قلوب خليقته، ثم أخرجهم وقد ودع القلوب ذخائر الغيوب، فهي معلمة بمواصلة المحبوب، فقلوبهم إليه سائرة، وأعينهم إلى عظيم جلاله ناظرة. . . . إلى آخر كلامه.
(٢) روى البخاري في صحيحه: "ما بين قبري ومنبري روضة من رياض الجنة"، وفي رواية "ما بين =

<<  <  ج: ص:  >  >>