للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حتى ترى منه لهواته، إنما كان يتبسم" (١) أخرجاه. اللهوات: جمع لهاة، وهي اللحمة التي في أقصى سقف الفم. وفيه الانبساط وصفته، وفيه التبسم دون الاستجماع، وهذه صفة أكرم الخلق على اللَّه وخيرهم سمتًا وهديًا. وقد تضمنت الآية والحديث بيان مجاري الوقار وصفته والترغيب فيه وبيان أهله.

[مجلس في الندب إلى إتيان الصلاة والعلم ونحوهما من العبادات بالسكينة والوقار]

قال تعالى: ﴿وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ﴾ (٢).

وروينا من حديث أبي هريرة مرفوعًا: "إذا أُقيمت الصلاة فلا تأتوها تسعون وأتوها تمشون عليكم السكينة، فما أدركتم فصلُّوا وما فاتكم فأتمُّوا" (٣) أخرجاه. زاد مسلم: "فإن أحدكم إذا كان يعمد إلى الصلاة فهو في صلاة" (٤) وفيه الأمر بالسكينة والنهي عن السعي المخالف لها، أما الاهتمام والبدار وحسن الإقبال ونحوها فذلك هو المراد بقوله: ﴿فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ﴾ [الجمعة: ٩] (٥)، ﴿وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ﴾ (٦). وفيه أن إتمام ما تفوته السكينة خير من فضل ما يدركه بالعجلة، وأن الحكمة التي توقع في العجلة ليس إلَّا التلبس بالصلاة وشغل الزمان به دون المشي، وبيان أن ذلك وهْمٌ فاسد.

وروينا من حديث ابن عباس أنه دفع مع رسول اللَّه يوم عرفة فسمع


(١) أخرجه البخاري في صحيحه (٦٠٩٢) كتاب الأدب، [٦٨] باب التبسم والضحك، والحاكم في المستدرك (٢/ ٤٥٦)، والزبيدي في الإتحاف (٧/ ١٠٥).
(٢) سورة الحج (٣٢).
(٣) أخرجه البخاري في صحيحه (٩٠٨) كتاب الجمعة، [١٨] باب المشي إلى الجمعة، ومسلم في صحيحه [١٥١ - (٦٠٢)] كتاب المساجد ومواضع الصلاة، [٢٨] باب استجاب إتيان الصلاة بوقار وسكينة، والنهي عن إتيانها سعيًا، والترمذي (٣٢٧)، وابن ماجه (٧٧٥)، وأحمد في مسنده (٢/ ٢٧٠، ٤٥٢)، والبيهقي في السنن الكبرى (٢/ ٢٩٧، ٤/ ٢٢٨)، وابن خزيمة في صحيحه (١٥٠٥، ١٧٧٢)، وعبد الرزاق في مصنفه (٣١٠٢، ٣٤٠٤).
(٤) أخرجه مسلم في صحيحه [١٥٢ - (٦٠٢)] كتاب المساجد ومواضع الصلاة، [٢٨] باب استحباب إتيان الصلاة بوقار وسكينة، والنهي عن إتيانها سعيا.
(٥) سورة الجمعة (٩). أي اقصدوا واعمدوا واهتموا في سيركم إليها، وليس المراد بالسعي ههنا المشي السريع وإنما هو الاهتمام بها، كقوله تعالى: ﴿وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ﴾ [الإسراء: ١٩]. [تفسير ابن كثير (٤/ ٣٦٥)].
(٦) سورة آل عمران (١٣٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>