للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فسُرِقَ عقد بنت الملك، فصاحوا أن أغلقوا الباب وفتشوا النساء، ففتشوهن واحدة واحدة حتى لم يبق إلا واحدة، وأنا، فدعوت اللَّه وأخلصت التوبة، وقلت: إن نجوت من هذه الفضيحة لا أعود إلى مثل هذا أبدًا، فوجدوا العقد مع المرأة التي بقيت قبلي، وقالوا: أطلقوا الأخرى، يَعنُوني فأطلقوني، وسرت.

فمن حينئذ إذا سمعت ذكر الستَّار، أَذكُر ستره على، ويأخذني ما رأيتم من الاهتزاز.

السابعة: حُكِي أن رجلًا من بني إسرائيل عبد اللَّه عشرين سنة، وعصى اللَّه عشرين سنة ما أطاعه فيها طرفة عين، فلما كان بعض الأيام نظر في المرآة، فنظر شيبًا في لحيته فقال: آه الشيب والعيب، وعزتك لا عدت إلى معصيتك، وقام من وقته وتطهر للتوبة.

فلما جنَّ الليل قال: إلهي أطعتك عشرين سنة وعصيتك عشرين سنة، فيا ليت شعري إن رجعت إليك تقبلني (١).

فسمع صوتًا لا يُرى قائله: أحببتنا فأحببناك وأطعتنا فأطعناك، وعصيتنا فأملهلناك، وإن رجعت إلينا قبلناك.

أخلقت وجهي المعاصي … عند علام الغيوب

سيدي شؤم المعاصي … أبعدت منك نصيبي

سيدي قسوة قلبي … حيرت كل طبيب

يا طيب الأطباء … أنت عوني وطبيبي

اشفني هب لي إلهي … توبة تمحو ذنوبي

[فصل في فضل الرجاء]

قال تعالى إخبارًا عن العبد الصالح: ﴿وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ فَوَقَاهُ اللَّهُ سَيِّئَاتِ مَا مَكَرُوا﴾ (٢).


(١) رواه مسلم في صحيحه [١ - (٢٦٧٥)] كتاب التوبة، ١ - باب في الحض على التوبة والفرح بها، عن أبي هريرة عن رسول اللَّه أنه قال: "قال اللَّه ﷿: أنا عند ظن عبدي بي وأنا معه حيث يذكرني واللَّه للَّه أفرح بتوبة عبده من أحدكم يجد ضالته بالفلاة، ومن تقرب إلى شبرا تقربت إليه ذراعًا، ومن تقرب إلى ذراعًا تقربت إليه باعًا وإذا أقبل إلى يمشي أقبلت إليه أهرول".
(٢) سورة غافر (٤٤، ٤٥).
أي وأتوكل على اللَّه وأستعينه وأقاطعكم وأباعدكم ﴿إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ﴾ [غافر: ٤٤] أي: هو بصير بهم تعالى وتقدس، فيهدي من يستحق الهداية ويضل من يستحق الإضلال وله الحجة =

<<  <  ج: ص:  >  >>