للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ونفعنا بهم.

[فصل]

عن بعض أهل العلم قال: كان عندنا ببغداد رجل من التجار يقع في الصوفية كثيرا، ثم إنه بعد ذلك صحبهم وأنفق جميع ماله عليهم، فقلت له في ذلك فقال: ليس الأمر على ما كنت أتوهم.

فقلت له: كيف؟ قال: صليت الجمعة يوما من الأيام وخرجت فرأيت بشرًا الحافي (١) خارجا من المسجد مسرعا، فقلت في نفسي: انظر هذا الرجل الموصوف بالزهد ليس يستقر في المسجد، فتركت حاجتي وقلت: أنظر أين يذهب، فتبعته.

فرأيته تقدم إلى الجنازة واشترى بدرهم خبز الماء. . . إلى آخر الحكاية، وقد سقتها في ترجمته في الطبقات.

[فصل]

عن بعض الروم أنه قال: كان سبب إسلامي أنه غزانا المسلمون، فكنت أساير جيشهم، فوجدت غرة (٢) في الساقة (٣) فأسرت نحو عشرة أنفس وحملتهم على البغال بعد أن قيدتهم، وجعلت مع كل واحد منهم رجلا موكلا به، فرأيت في بعض الأيام رجلا من الأسارى يصلي، فقلت للموكل به في ذلك، فقال لي: إنه في كل وقت صلاة يدفع إليَّ دينارا، فقلت: وهل معه شيء؟ قال: لا، ولكنه إذا فرغ من صلاته ضرب بيد الأرض ودفع إليَّ ذلك.

قال: فلما كان من الغد لبست ثيابا خلقانا (٤) وركبت فرسا وسرت مع الموكل به


= أفعال الشياطين كما نشاهده في الذين لهم تابع من الجن، فإنه قد يظهر على يده ما يظن من لم يستحضر هذا المعيار أنه كرامة، وهو في الحقيقة مخاريف شيطانية وتلبيسات إبليسية. [قطر الولي على حديث الولي (ص ٤١) من تحقيقنا. طبعة دار الكتب العلمية].
(١) أصله من مرو، وسكن بغداد، ومات بها سنة (٢٢٧) وكان صحب الفضيل بن عياض، وكان عالما ورعا كبير الشأن، أوحد وقته علما وحالا، ومن كلامه: لا يجد حلاوة الآخرة رجل يحب أن يعرفه الناس، يعني يحب اطلاع الناس على صفات كماله، وكان يقول: دخلت داري يوما فإذا رجل جالس في الدار، فقلت له: كيف دخلت داري بغير إذني، فقال أنا أخوك الخضر، فقلت ادع اللَّه تعالى لي، فقال : هو اللَّه عليك طاعته، فقلت: زدني، فقال: وسترها عليك. [الطبقات الكبرى للشعراني (١/ ٦٢)].
(٢) غر الرجل: جهل الأمور وغفل عنها، فهو مغرور، والغِرُّ: من ينخدع، وهي غِرَّة.
(٣) الساقة من الجيش: مؤخرته.
(٤) خَلِق الثوب والجلد وغيرهما خَلَقًا: بلي، والشيء: لان وأصبح أملس فهو أخلق، وهي خلقاء.

<<  <  ج: ص:  >  >>