للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في خير" (١) أخرجه مسلم. يطير: أي يسرع. ومتنه: ظهره. والهيعة: الصوت للحرب. والفزعة نحوه، ومَظَانُّ الشيء: المواضع التي يظن وجوده فيها. والغُنيمة بضم الغين: تصغير الغنم. والشَعَفة بفتح الشين والعين: أعلى الجبل. وفيه مدح العزلة مطلقًا، وفيه أنه ليس من الناس إلَّا في خير كما جمعه هذا الحديث، وهو من جوامع كلمه.

فصل في الاختلاط بالناس وحضور جُمَعِهم وجماعاتهم ومشاهد الخير ومجالس الذكر معهم وعيادة مريضهم وحضور جنائزهم ومواساة محتاجهم وغير ذلك من مصالحهم، لمن قدر على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وقمع نفسه عن الإيذاء والصبر على الأذى

هذا الذي كان عليه الشارع (٢) والأنبياء والخلفاء ومن بعدهم من العلماء وأخيارهم، وهو مذهب أكثر التابعين ومن بعدهم، وبه قال الشافعي وأحمد وأكثر الفقهاء. قال تعالى: ﴿وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى﴾ (٣) والآيات في معنى ذلك كثيرة معلومة.


(١) أخرجه مسلم في صحيحه [١٢٥ - (١٨٨٩)] كتاب الإمارة، [٣٤] باب فضل الجهاد والرباط، وأحمد بن حنبل في مسنده (١/ ٣٧، ٣١٩)، والدارمي في سننه (٢/ ٢٥١)، وابن أبي شيبة في مصنفه (٥/ ٢٩٤).
(٢) في إيذاء المشركين للنبي روى البخاري في صحيحه (٤٨١٥) كتاب تفسير القرآن، من سورة المؤمن (غافر) عن عروة بن الزبير، قال: قلت لعبد اللَّه بن عمرو بن العاص: أخبرني بأشد ما صنع المشركون برسول اللَّه . قال: بينا رسول اللَّه يصلي بفناء الكعبة إذ أقبل عقبة بن أبي معيط فأخذ بمنكب رسول اللَّه ولوى ثوبه في عنقه فخنقه خنقا شديدا، فأقبل أبو بكر فأخذ بمنكبه ودفع عن رسول اللَّه وقال: "أتقتلون رجلا أن يقول ربي اللَّه وقد جاءكم بالبينات من ربكم". وفي إيذاء أصحابه روى أحمد في مسنده (١/ ٤٠٤) بسنده عن عبد اللَّه بن مسعود، قال: "إن أول من أظهر إسلامه سبعة: رسول اللَّه وأبو بكر، وعمار، وأمه سمية، وصهيب، وبلال، والمقداد.
فأما رسول فمنعه اللَّه بعمه أبي طالب، وأما سائرهم فأخذهم المشركون فألبسوهم أدراع الحديد وأوقفوهم في الشمس، فما من أحد إلا وقد واتاهم على ما أرادوا غير بلال، فإنه هانت عليه نفسه في اللَّه، وهان على قومه فأعطوه الولدان فجعلوا يطوفون به في شعاب مكة وهو يقول أحد أحد".
(٣) سورة المائدة (٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>