للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[مجلس في القناعة والاقتصاد في المعيشة والإنفاق وذم السؤال من غير ضرورة]

قال اللَّه تعالى: ﴿وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا﴾ (١) فالرزق مضمون، والضامن مكَّن. وقال تعالى: ﴿لِلْفُقَرَاءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ﴾ (٢) إلى قوله: ﴿إِلْحَافًا﴾ [البقرة: ٢٧٣]. وفيها مقتضى الآية السالفة ولازمه، فإذا فقد فالإجمال في الطلب لا يسألون الناس إلحافا وإذا وجدوا الاقتصاد، إذ الإسراف مذموم ولعله يكون سببًا لقطع أو لا يخلفه، كما قال تعالى: ﴿وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا﴾ (٣) والتنفير ذمَّه ؛ فإنه الجواد الماجد ﴿وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ﴾ (٤) وقال تعالى: ﴿وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا (٦٧)(٥) قلت: وذلك الحسنة بين السيئتين. وقال: ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (٥٦)[الذاريات: ٥٦].

وروينا من حديث أبي هريرة مرفوعًا: "ليس الغنى عن كثرة العَرَض، إنما الغنى غنى النفس" (٦) أخرجاه. والعَرَضُ - بفتح العين والراء: المال.


(١) سورة هود (٦).
أخبر تعالى أنه متكفل بأرزاق المخلوقات من سائر دواب الأرض صغيرها وكبيرها، بحريها وبريها، وأنه يعلم مستقرها ومستودعها، أي يعلم أين منتهى سيرها في الأرض وأين تأوي إليه من وكرها وهي مستودعها. [تفسير ابن كثير (٢/ ٤٤٧)].
(٢) سورة البقرة (٢٧٣).
(٣) سورة النساء (٥).
ينهي عن تمكين السفهاء من التصرف في الأموال التي جعلها اللَّه للناس قياما؛ أي تقوم بها معايشهم من التجارات وغيرها، ومن ههنا يؤخذ الحجر على السفهاء، وهم أقسام، فتارة يكون الحجر للصغير، فإن الصغير مسلوب العبارة، وتارة يكون الحجر للمجنون، وتارة لسوء التصرف لنقص العقل أو الدين، وتارة للفلس، وهو ما إذا أحاطت الديون برجل وضاق ماله عن وفائها، فإذا سأل الغرماء الحاكم الحجر عليه حجر عليه. [تفسير ابن كثير (١/ ٤٥٢)].
(٤) سورة سبأ (٣٩).
(٥) سورة الفرقان (٦٧).
(٦) أخرجه البخاري في صحيحه (٦٤٤٦) كتاب الرقاق، [١٥] باب الغنى غنى النفس، ومسلم في صحيحه [١٢٠ - (١٠٥١)] كتاب الزكاة، [٤٠] باب ليس الغنى عن كثرة العرض، والترمذي =

<<  <  ج: ص:  >  >>