للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفقر وحده كان له إلى رصغه اقتصاد لا عجز.

الحديث الثلاثون: حديث جابر في حفر الخندق قال: "إنا يوم الخندق نحفر فعرضت كُدْيَةٌ شديدة، فجاءوا النبي فقالوا: هذه كدية عرضت في الخندق. فقال: "أنا نازل" ثم قام وبطنه معصوب، ولبثنا ثلاثة أيام لا نذوق ذواقا. ثم ذكر قصة طحن الشعير وذبح العناق وأكل الخندق وهي على حالها" (١) أخرجاه بطوله. والكُدْيَةُ: صلبة لا يعمل فيها الناس. وفيه بيان بركة حرهم ثلاثا ولم يذوقوا ذواقا، فمنها الرزق الكافي من حيث لا يحتسب كما أجزأه على يد جابر (٢) وقلب قلبه إليه، ومنها خرق العادة وتكثير القليل وإظهار الكرامة الغريبة.

الحديث الحادي بعد الثلاثين: حديث أنس قال: "قال أبو طلحة لأم سليم: قد سمعت صوت رسول اللَّه ضعيفا أعرف فيه الجوع. وفي رواية: عصب بطنه بعصابة من الجوع. فهل عندك من شيء؟ فقالت: نعم. فأخرجت أقراصا من شعير ثم عصرت عليه عكة فآدمته، وقال فيه رسول اللَّه ما شاء اللَّه أن يقول، فأكل منه عشرة عشرة حتى أكلوا أجمع والقوم سبعون رجلا أو ثمانون ولم ينقص" (٣) أخرجاه بطوله. وفي رواية قالت: عندي كسر من خبز وتمرات، فإن جاءنا رسول اللَّه وحده أشبعناه، وإن جاء آخر معه قَلَّ عنهم. . . وساق الحديث. وفيه من الأعلام ما لا يخفى.


(١) أخرجه البخاري في صحيحه (٤١٠١) كتاب المغازي، [٣١] باب غزوة الخندق وهي الأحزاب، ومسلم في صحيحه [١٤١ - (٢٠٣٩)] كتاب الأشربة، [٢٠] باب جواز استتباعه غيره إلى دار من يثق برضاه بذلك ويتحققه تحققا تاما، واستحباب الاجتماع على الطعام.
(٢) في حديث جابر أنواع من الفوائد وجمل من القواعد، منها: الدليل الظاهر والعلم الباهر من أعلام نبوة رسول اللَّه من تكثير الطعام القليل ونبع الماء، وتكثيره، وتسبيح الطعام وحنين الجذع، وغير ذلك مما هو معروف. [النووي في شرح مسلم (١٣/ ١٨٤) طبعة دار الكتب العلمية].
(٣) أخرجه البخاري في صحيحه (٣٥٧٨) كتاب المناقب، [٢٥] باب علامات النبوة في الإسلام، ومسلم في صحيحه [١٤٢ - (٢٠٤٠)] كتاب الأشربة، [٢٠] باب جواز استتباعه غيره إلى دار من يثق برضاه بذلك ويتحققه تحققا تاما، واستحباب الاجتماع على الطعام، والترمذي في سننه (٣٦٣٠) كتاب المناقب، باب آيات إثبات نبوة النبي وما قد خصه اللَّه ﷿ به.

<<  <  ج: ص:  >  >>