للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[مجلس في ستر عورة المسلمين والنهي عن إشاعتها]

قال تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ﴾ (١).

وفيها تهديد بليغ للذين يحبون أن تظهر الفاحشة وتشيع، فما ظنك بمن يشيعها.

ومعنى العورة: العيب والتقص وكل ما يسوء ويستحيا منه، وكل ظل متخوف منه.

وروينا في صحيح مسلم من حديث أبي هريرة مرفوعًا: "لا يستر عبد عبدًا في الدنيا إلا ستره اللَّه يوم القيامة" (٢).

وفيه الترغيب في الستر (٣) والتنفير من أن يهتك أحد ستر أحد، وما أذن الشرع في هتكه فيستثنى بدليله.

وروينا في الصحيحين أيضًا عنه مرفوعًا: "كل أمتي معافى إلا المجاهرون، وإن من المجاهرة (٤) أن يعمل الرجل بالليل عملًا، ثم يصبح وقد ستره اللَّه فيقول يا فلان عملت البارحة كذا وكذا، وقد بات يستره ربه، ويصبح يكشف ستر اللَّه عليه" (٥)


(١) سورة النور [١٩].
هذا تأديب لمن سمع شيئًا من الكلام السيئ فقالم بذهنه شيء منه وتكلم به فلا يكثر منه ولا يشيعه ويذيعه، فقد قال تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ [النور: ١٩] أي يختارون ظهور الكلام عنهم بالقبيح ﴿لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا﴾ [النور: ١٩] أي بالحد، وفي الآخرة بالعذاب الأليم. "تفسير ابن كثير [٣/ ٢٨٣] ".
(٢) أخرجه مسلم في صحيحه [٧١ - (٢٥٩٠)]، [٧٢] كتاب البر والصلة والآداب، [٢١] باب بشارة من ستر اللَّه -تعالى- عيبه في الدنيا بأن يستر عليه في الآخرة، وأحمد في مسنده [٢/ ٤٠٤]، والحاكم في المستدرك [٤/ ٣٨٤]، والمنذري في الترغيب والترهيب [٣/ ٢٣٧]، والزيلعي في نصب الراية [٣/ ٣٠٧].
(٣) قوله : "لا يستر عبد في الدنيا إلا ستره اللَّه يوم القيامة" قال القاضي: يحتمل وجهين: أحدهما: أن يستر معاصيه وعيوبه عن إذاعتها في أهل الموقف، والثاني: ترك محاسبته عليها وترك ذكرها، قال: والأول أظهر لما جاء في الحديث الآخر يقرره بذنوبه، يقول سترتها عليك في الدنيا وأنا أغفرها لك اليوم. "النووي في شرح مسلم [١٦/ ١١٨] طبعة دار الكتب العلمية".
(٤) بالأصل في البخاري "وإن من المجانة".
(٥) أخرجه البخاري في صحيحه [٦٠٦٩] كتاب الأدب، [٦٠] باب ستر المؤمن على نفسه، ومسلم =

<<  <  ج: ص:  >  >>