للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[مجلس في العلم]

قال تعالى: ﴿وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا﴾ (١).

وكفى به شرفًا أن يكرم الجليل تعالى أكرم خلقه وأحبهم إليه وأقربهم لديه، أن يطلب الاستزادة منه، قال الأئمة: لم يأمر اللَّه نبيه أن يطلب المزيد في شيء إلا فيه.

وقال تعالى: ﴿هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ﴾ (٢).

وقال تعالى: ﴿يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ﴾ (٣).

وقال تعالى: ﴿إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ﴾ (٤) والآيات فيه كثيرة.

وروينا في الصحيحين من حديث معاوية مرفوعًا: "من يرد اللَّه به خيرًا يفقهه في الدين" (٥) والفقه فهم ما يدق ويغمض ويخفيه الإنسان حتى يفقه عنه، وتفتح به الأذهان، وقد قال تعالى: ﴿لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ﴾ [الجاثية: ٥].

وقال: ﴿لِقَوْمٍ يَفْقَهُونَ﴾ [الأنعام: ٩٨].

فالفقه في الدين (٦) فهم وحكم كل شيء منه مع لطائفه وأسراره وحكمته وغايته وشروطه وأركانه وسننه وآدابه ومكملاته وسوابقه ولواحقه، وكل مفسد له، ومحبط


(١) سورة طه [١١٤].
(٢) سورة الزمر [٩].
أي هل يستوي هذا والذي قبله ممن جعل للَّه أندادًا ليضل عن سبيله - ويقصد قوله تعالى: ﴿وَإِذَا مَسَّ الْإِنْسَانَ ضُرٌّ دَعَا رَبَّهُ مُنِيبًا إِلَيْهِ ثُمَّ إِذَا خَوَّلَهُ نِعْمَةً مِنْهُ نَسِيَ مَا كَانَ يَدْعُو إِلَيْهِ مِنْ قَبْلُ وَجَعَلَ لِلَّهِ أَنْدَادًا لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِهِ قُلْ تَمَتَّعْ بِكُفْرِكَ قَلِيلًا إِنَّكَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ (٨)﴾ [الزمر: ٨].
(٣) سورة المجادلة [١١].
(٤) سورة فاطر [٢٨].
(٥) أخرجه البخاري في صحيحه [٧١] كتاب العلم، [١٤]، باب من يرد اللَّه به خيرًا يفقهه في الدين، ومسلم [١٧٥٠] كتاب الإمارة، [٥٣]، باب قوله : "لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق لا يضرهم من خالفهم"، والترمذي [٢٦٤٥]، كتاب العلم، [١] باب إذا أراد اللَّه بعبد خيرًا فقهه في الدين.
(٦) قال أبو المظفر الوزير: معنى فقه الرجل غاص على استخراج معنى القول؛ من قولهم: فقأت عينه إذا أنخستها فجعلت باطنها ظاهرها، فمعنى الفقه على هذا التأويل هو استخراج الغوامض والاطلاع على أسرار الكلام. انظر اختلاف الأئمة العلماء [١/ ١٩] من تحقيقنا، طبعة دار الكتب العلمية.

<<  <  ج: ص:  >  >>