للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[مجلس في الحلم والأناة والرفق]

قال تعالى: ﴿وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ﴾ (١) وهذا من صفات أهل الجنة. وقال تعالى: ﴿خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ (١٩٩)(٢). وإذا طُلب هذا من سيد الكاملين فكيف من أحاد الناقصين. وقال تعالى: ﴿ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ﴾ (٣) إلى قوله: ﴿عَظِيمٌ﴾ [النور: ١٦]. والدفع بذلك بحسم مادة العداوة يُريح من عمومها عاجلًا وآجلًا. وقال تعالى: ﴿وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ (٤٣)(٤) فهما من عزم الأمور فلا مندوحة عنه لذي عقل، فأعظم بأمر لأهل الجنة والكمال المقرب من اللَّه تعالى فالراحة العاجلة والرأي السديد.

وروينا من حديث ابن عباس أن رسول اللَّه قال لأشج عبد القيس: "إن فيك خصلتين يحبهما اللَّه: الحلم والأناة" (٥) أخرجه مسلم. وكفى بذلك شرفًا له.

وروينا من حديث عائشة مرفوعًا: "إن اللَّه رفيق يحب الرفق في الأمر كله" (٦)


(١) سورة آل عمران (١٣٤).
(٢) سورة الأعراف (١٩٩).
قال ابن عباس: ﴿خُذِ الْعَفْوَ﴾ [الأعراف: ١٩٩] يعني خذ ما عفي لك من أموالهم، وما أتوك به من شيء، فخذه، وكان هذا قبل أن تنزل براءة بفرائض الصدقات وتفصيلها وما انتهت إليه الصدقات. قاله السدي، وقال الضحاك عن ابن عباس: ﴿خُذِ الْعَفْوَ﴾ [الأعراف: ١٩٩] أنفق الفضل. [تفسير ابن كثير (٢/ ٢٨٣)].
(٣) سورة المؤمنون (٩٦).
(٤) سورة الشورى (٤٣).
(٥) أخرجه مسلم في صحيحه [٢٥ (١٧)] كتاب الإيمان، [٦] باب الأمر بالإيمان باللَّه تعالى ورسوله وشرائع الدين، والدعاء إليه والسؤال عنه وحفظه وتبليغه من لم يبلغه، وأبو داود (٥٢٢٥) كتاب الأدب، باب في قبلة الحسد، والترمذي (٢٠١١) كتاب البر والصلة، باب ما جاء في التأني والعجلة، وابن ماجه (٤١٨٧)، وأحمد في مسنده (٣/ ٢٣، ٥٠، ٤/ ٢٠٦)، والبيهقي في السنن الكبرى (٧/ ١٠٢)، وابن حبان في صحيحه (١٣٩٣، ٢٢٦٧).
(٦) أخرجه البخاري في صحيحه (٦٠٢٤) كتاب الأدب، [٣٥] باب الرفق في الأمر كله، ومسلم في صحيحه [٧٧ - (٢٥٩٣)] كتاب البر والصلة والآداب، [٢٣] باب فضل الرفق، وأحمد في مسنده (١/ ١١٢، ٤/ ٨٧)، والبيهقي في السنن الكبرى (١٠/ ١٩٣)، وعبد الرزاق في مصنفه (٩٢٥١)، وابن حبان في صحيحه (١٩١٤)، وأبو نعيم في حلية الأولياء (٨/ ٣٠٦)، والطبراني في المعجم الصغير (١/ ٨١، ١٥٤)، والهيثمي في مجمع الزوائد (٨/ ١٨، ٣/ ٢١٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>