للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وجاءت امرأة إلى سيدي قطب العارفين عبد القادر (١) -نفعنا اللَّه به- ووهبت ولدها له. ثم جاءت يوما فوجدته يأكل مسلوقة دجاج وعظامها بين يديه، ورأت ولدها يأكل قرص شعير، فقالت له: يا سيدي تأكل لحم الدجاج ويأكل ولدي خبز الشعير؟ فوضع يده على تلك العظام، فقال: قومي بإذن اللَّه الذي يحيى العظام وهي رميم. فقامت الدجاجة سوية وصاحت، فقال الشيخ: إذا صار ابنك هكذا فليأكل ما شاء.

ومرت على مجلسه حدأة (٢) طائرة في يوم شديد الحر، فصاحت (فشوشت) (٣) على الحاضرين، فقال: يا ريح خذي رأس هذه الحدأة، فوقعت طوقها في ناحية ورأسها في ناحية. فقام الشيخ من الكرسي وأخذها بيده، وأمرَّ يده عليها وقال: بسم اللَّه الرحمن الرحيم فمضت وطارت، والناس يشاهدون ذلك.

[فصل]

ووقع منها أيضا كلام الموتى (٤).


(١) هو عبد القادر بن موسى بن عبد اللَّه بن يحيى بن محمد بن داود بن موسى بن عبد اللَّه بن موسى الجون بن عبد اللَّه المحض بن الحسن، المثنى بن الحسن بن علي بن أبي طالب، وكان يلبس لبس العلماء ويركب البغلة، ويتكلم على كرسي عالٍ، وقال: بقيت أياما كثيرا لم أستطعم فيها بطعام، فلقيني إنسان فأعطاني صرة فيها دراهم فأخذت منها خبزا سميدا وخبيصا فجلست آكله، فإذا برفعة مكتوب فيها: قال تعالى في بعض كتبه المنزله: إنما جعلت الشهوات لضعفاء خلقي ليستعينوا بها على الطاعات، أما الأقوياء فما لهم وللشهوات، فتركت الأكل وانصرفت. وسئل عن الدنيا فقال: أخرجها من قلبك إلى يدك فإنها لا تضرك. [انظر الطبقات الكبرى (١/ ١١٠)].
(٢) روى مسلم في صحيحه [٧٢ - (١١٩٩)] كتاب الحج، [٩] باب ما يندب للمحرم وغيره قتله من الدواب في الحل والحرم، عن ابن عمر مرفوعا: "خمس لا جناح على من قتلهن في الحرم والإحرام: الفأرة والعقرب والغراب والحدأة والكلب العقور". وقال النووي: وأما الحدأة فمعروفة، وهي بكسر الحاء مهموزة، وجمعها "حدأ" بكسر الحاء مقصور، وفي رواية "الحُدَيَّا" بضم الحاء وفتح الدال وتشديد الياء مكسور، قال القاضي: قال ثابت: الوجه فيه الهمز على معنى التذكير وإلا فحفيقته "حُدَيَّة" وكذا قيده الأصيلي في صحيح البخاري.
(٣) في الأصل: "فشرشت".
(٤) وقع إحياء للموتي وسؤالهم فيما روي عن موسى قال تعالى: ﴿وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً. . .﴾ الآيات. وذلك أنه كان رجل من بني إسرائيل عقيم لا يولد له، وكان له مال كثير، وكان ابن أخيه وارثه، فقتله ثم احتمله ليلا فوضعه على باب رجل منهم، ثم أصبح يدعيه عليهم حتى تسلحوا وركب بعضهم على بعض، فقال ذو الرأي منهم والنهي: علام يقتل بعضكم بعضا وهذا رسول اللَّه فيكم؟ فأتوا موسى فذكروا ذلك له، فقال: ﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً﴾ الآيات ثم ضربوه ببعضها فقام، فقالوا: من قتلك؟ قال هذا، لابن أخيه، ثم مال ميتا، فلم يعط من ماله شيئا، فلم يورث قاتل بعد. [مختصرا من تفسير ابن كثير (١/ ١٠٨)].

<<  <  ج: ص:  >  >>