للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أقمنا الليلة، ههنا وأوقدنا من هذا الحطب؟ فقال: افعلوا، وأوقدنا وكان معنا خبز فأكلنا، فقال واحد منا: ما أحسن هذا الجمر (١) لو كان لحم نشويه؟ فقال إبراهيم بن أدهم: إن اللَّه ﷿ قادر على أن يطعمكموه.

قال: فبينما نحن كذلك إذا بأسد يطرد إيلا، فلما قرب منا وقع فاندق عنقه.

فقال إبراهيم: اذبحوه فقد أطعمكم اللَّه. فشوينا من لحمه والأسد ينظر إلينا. ونفعنا به.

[فصل]

عن الأستاذ أبي القاسم الجنيد (٢) قال: حضرت إملاك (٣) بعض الأبدال من الرجال ببعض الأبدال من النساء، فما كان في جماعة من حضر إلا من ضرب بيده النوى، فأخذ شيئا وطرحه من در وياقوت وما أشبهه، قال الجنيد فضربت بيدي فأخذت زعفرانا فطرحته، فقال الخضر : ما كان في الجماعة من أهدى ما يصلح للعرس غيرك.

[فصل]

عن سعيد بن يحيى البصري قال: أتيت عبد الواحد بن زيد وهو جالس في ظل فقلت له: لو سألت اللَّه ﷿ أن يوسع عليك الرزق لرجوت أن يفعل (٤).

فقال: ربي أعلم بمصالح عباده، ثم أخذ حصى من الأرض ثم قال: اللهم إن شئت أن تجعلها ذهبا، فألقاها إليَّ وقال: أنفقها أنت، فلا خير إلا في الآخرة.


= ويلتف، جمعها غياض، وأغياض، والمغيض المكان الذي يغيض في الماء.
(١) الجمرة: القطعة الملتهبة من النار، والحصاة الصغيرة، واحدة الجمرات التي يرمى بها في منى، وهنا قطع ملتهبة من النار بعد إشعال الحطب.
(٢) الجنيد بن محمد بن الجنيد، أبو القاسم النهاوندي الأصل البغدادي القواريري الخزاز، قال أبو نعيم: أنا الخلدي كتابة قال: رأيت الجنيد في النوم فقلت: ما فعل اللَّه بك؟ قال: طاحت تلك الإشارات وغابت تلك العبارات، وفنيت تلك العلوم، ونفدت تلك الرسوم، وما نفعنا إلا ركعات كنا نركعها في الأسحار. وعن الجنيد قال: أعلى درجات الكبر أن ترى نفسك، وأدناها أن تخطر ببالك، يعني نفسك. [تاريخ الإسلام للذهبي وفيات (٢٩٠ - ٣٠٠)].
(٣) الإملاك: التزويج.
(٤) كان عبد الواحد بن زيد يقول: عليكم بالخبز والملح فإنه يذهب شحم الكلى ويزيد في اليقين، وكان يقول: أحسن أحوال العبد مع اللَّه موافقته، فإن أبقاه في الدنيا لطاعته كان أحب إليه وإن أخذه كان أحب إليه، وكان يقول: ما من عبد أعطي من الدنيا شيئا فابتغى إليه شيئا ثانيا إلا سلبه =

<<  <  ج: ص:  >  >>