للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[مجلس في الإنفاق مما يحب ومن الجيد]

قال تعالى: ﴿لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ﴾ (١).

وقال تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ﴾ (٢) الآية.

وروينا في الصحيحين من حديث أنس قال: كان أبو طلحة أكثر الأنصار بالمدينة مالًا من نخل، وكان أحب أمواله إليه بيرحاء (٣)، وكانت مستقبلة المسجد، وكان رسول اللَّه يدخلها ويشرب من ما فيها طيب" قال أنس : "فلما نزلت هذه الآية: ﴿لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ﴾ [آل عمران: ٩٢] قام أبو طلحة إلى رسول اللَّه فقال: يا رسول اللَّه، إن اللَّه يقول: ﴿لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ﴾ وإن أحب أموالي إليّ بيرحاء، وإنها صدقة للَّه أرجو برها وذُخرها عند اللَّه، فضعها يا رسول اللَّه حيث أراك اللَّه، قال: فقال رسول اللَّه : "بخ ذلك مال رابح، ذلك مال رابح، وقد سمعتُ ما قلت، وإني أرى أن تجعلهما في الأقربين" (٤).


(١) سورة آل عمران [٩٣].
(٢) سورة البقرة [٢٦٧].
يأمر تعالى عباده المؤمنين بالإنفاق، والمراد به الصدقة ههنا، قاله ابن عباس، من طيبات ما رزقهم من الأموال التي اكتسبوها، قال مجاهد: يعني التجارة لتشره إياها لهم، وقال علي والسدي ﴿مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ﴾ [البقرة: ٢٦٧]: يعني الذهب والفضة ومن الثمار والزروع التي أنبتها لهم من الأرض، قال ابن عباس: أمرهم بالإنفاق من أطيب المال وأجوده وأنفسه، ونهاهم عن التصدق برذالة المال ودنيئه، وهو خبيثه، فإن اللَّه طيب لا يقبل إلا طيبًا. "تفسير ابن كثير [١/ ٣٢٠] ".
(٣) قوله: "وكان أحب الاموال إليه ببرحاء" اختلفوا في ضبط هذه اللفظة على أوجه، قال القاضي : روينا هذه اللفظة عن شيوخنا بفتح الراء وضمها مع كسر الباء والراء، قال الباجي: قرأت هذه اللفظة على أبي ذر البروي بفتح الراء على كل حال، قال: وعليه أدركت أهل العلم والحفظ بالمشرق، وقال لي الصوري: هي بالفتح، واتفقا على أن من رفع الراء وألزمها حكم الإعراب فقد أخطأ، قال: وبالرفع قرأناه على شيوخنا بالأندلس، وهذا الموضع يعرف بقصر بني جديلة تجلي المسجد. "النووي في شرح مسلم [٧/ ٧٣] طبعة دار الكتب العلمية".
(٤) أخرجه البخاري [١٤٦١] كتاب الزكاة، [٤٦] باب الزكاة على الأقارب، وانظر أرقام [٢٣١٨، ٢٧٥٢، ٢٧٥٨، ٢٧٦٩، ٤٥٥٤، ٤٥٥٥، ٥٦١١]، ومسلم في صحيحه [٤٢ - (٩٩٨)] كتاب الزكاة، [١٤] باب فضل النفقة والصدقة على الأقربين والزوج والأولاد والوالدين ولو كانوا =

<<  <  ج: ص:  >  >>