للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وروينا من حديث أبي هريرة مرفوعًا: "يقول اللَّه تعالى: ما لعبدي المؤمن عندي جزاء إذا قبضت صفيَّه من أهل الدنيا ثم احتسبه إلَّا الجنة" (١) رواه البخاري. والاحتساب يستلزم الكفَّ عن كلمات السخط والتكلم بما يرضي الرب تعالى.

وروينا من حديث أسامة بن زيد قال: "أرسلت إحدى بنات النبي إليه تدعوه وتخبره أن صبيا لها أو ابنا لها في الموت، فقال للرسول: "ارجع إليها فأخبرها أن للَّه ما أخذ وله ما أعطى وكل شيء عنده بأجل مسمّى، فمُرها فلتصبر ولتحتسب"" وذكر تمام الحديث أخرجاه (٢).

[فصل في جواز البكاء على الميت من غير ندب ولا نياحة]

والنياحة حرام كما سيأتي في النهي إن شاء اللَّه تعالى والبكاء جائز بدونهما، والأحاديث الواردة بالنهي عنه، وأن الميت يُعذب ببكاء أهله، أوَّلَهُ على من أوصى به وعلى الذي فيه ندب ونياحة.

وروينا في الصحيحين من حديث ابن عمر أنه "عاد سعد بن عُبادة (٣) ومعه عبد الرحمن بن عوف وسعد بن أبي وقَّاص وعبد اللَّه بن مسعود، فلما دخل عليه فوجده في عاشية أهله فقال: "قد قضي؟ " قالوا: لا يا رسول اللَّه. فبكى النبي ، فلما رأى القوم بكاء النبي بكوا، فقال: "ألا تسمعون؟ إن اللَّه لا يُعذِّب بدمع العين ولا بحزن القلب، ولكن يُعذِّب بهذا. وأشار إلى لسانه"" (٤).


= الترغيب والترهيب (٤/ ٣٣٧) وابن حبان في صحيحه (٧٢٦ - الموارد)، والتبريزي في مشكاة المصابيح (١٧٣٦)، والسيوطي في الدر المنثور (١/ ١٥٧)، وابن المبارك في الزهد (٢/ ٢٧).
(١) أخرجه البخاري في صحيحه (٦٤٢٤) كتاب الرقاق، [٦] باب العمل الذي يبتغى به وجه اللَّه تعالى، وأحمد في مسنده (٢/ ٤١٧)، والتبريزي في مشكاة المصابيح (١٧٣١).
(٢) أخرجه البخاري في صحيحه (١٢٨٤) كتاب الجنائز، [٣٢] باب قول النبي : "يعذب الميت ببعض بكاء أهله عليه إذا كان النوح من سنته"، وانظر رقم (٥٦٥٥) في المرضى والطب، باب عيادة الصبيان، ومسلم في صحيحه [١١ - (٩٢٣)] كتاب الجنائز، [٦] باب البكاء على الميت، وأحمد في مسنده (٥/ ٢٠٤)، والبيهقي في السنن الكبرى (٤/ ٦٥)، والحاكم في المستدرك (٢/ ١١٨)، والتبريزي في مشكاة المصابيح (١٧٢٣)، وعبد الرزاق في مصنفه (٦٦٧٠).
(٣) سعد بن عبادة بن دليم بن حارثة بن أبي خزيمة، أبو ثابت، ويقال: أبو قيس، أبو الخباب الساعدي الأنصاري، سيد الخزرج المدني، أحد النقباء، صحابي مشهور، أخرج له أصحاب السنن الأربعة، توفي سنة (١٥، ١٤، ١١).
ترجمته: تهذيب (٣/ ٤٧٦)، تقريب التهذيب (١/ ٢٨٨)، التاريخ الكبير (٤/ ٤٤)، الجرح والتعديل (٤/ ٣٨٢)، أسد الغابة (٢/ ٣٥٦).
(٤) أخرجه البخاري في صحيحه (١٣٠٤) كتاب الجنائز، [٤٤] باب البكاء عند المريض، ومسلم في =

<<  <  ج: ص:  >  >>