للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[مجلس في الدجال]

روينا من حديث النواس بن سمعان : ذكر رسول اللَّه الدجال ذات غداة، فخفَّض فيه ورفع، حتى ظنناه في طائفة النَّخل (١)، فلما رُحنا إليه عرف ذلك فينا.

فقال: "ما شأنكم؟ ".

قلنا: يا رسول اللَّه، ذكرت الدجال غداة، فخفَّضت فيه ورفَّعت، حتى ظنناه في طائفة النَّخل، فقال: "غير الدجال أخوفني عليكم، إن يخرج وأنا فيكم فأنا حجيجه دونكم، وإن يخرج ولست فيكم، فامرؤ حجيج نفسه، واللَّه خليفتي على كل مسلم، إنه شاب قطط، عينه طافئة، كأني أشبهه بعبد العزى بن قطن، فمن أدركه منكم فليقرأ عليه فواتح سورة الكهف (٢)، إنه خارج خلة بين الشام والعراق، فعاث يمينًا وعاث شمالًا، يا عباد اللَّه، فاثبتوا".

قلنا: يا رسول اللَّه، وما لبثه في الأرض؟

قال: "أربعون يومًا، يوم كسنة، ويوم كشهر ويوم كجمعة، وسائر أيامه كأيامكم" (٣).


(١) قوله: "فخفض فيه ورفَّع حتى ظنناه في طائفة النَّخل" هو بتشديد الفاء فيهما، وفي معناه قولان: أحدهما: أن خفض بمعنى حقر، وقوله رفع أي عظمه وفخمه فمن تحقيره وهوانه على اللَّه تعالى عوره، ومنه قوله "هو أهون على اللَّه من ذلك" وأنه لا يقدر على قتل أحد إلَّا ذلك الرجل، ثم يعجز عنه وأنه يضمحل أمره ويفتل بعد ذلك هو وأتباعه ومن تفخيمه وتعظيم فتنته والمحنة به هذه الأمور الخارقة للعادة وأنه ما من نبي إلَّا وقد أنذره قومه.
والوجه الثاني: أنه خفض من صوته في حال الكثرة فيما تكلم فيه فخفض بعد طول الكلام والتعب ليستريح، ثم رفع ليبلغ صوته كل أحد. [النووي في شرح مسلم (١٨/ ٥٠) طبعة دار الكتب العلمية].
(٢) روى مسلم في صحيحه [٢٥٧ - (٨٠٩)] كتاب صلاة المسافرين وقصرها، ٤٤ - باب فضل سورة الكهف وآية الكرسي.
قال النووي: وفي رواية: من آخر الكهف، قيل: سبب ذلك ما في أولها من العجائب والآيات، فمن تدبرها لم يفتتن بالدجال.
(٣) قال العلماء: هذا الحديث على ظاهره، وهذه الأيام الثلاثة طويلة على هذا القدر المذكور في الحديث يدل عليه قوله "وسائر أيامه كأيامكم" وأما قولهم يا رسول اللَّه فذلك اليوم الذي =

<<  <  ج: ص:  >  >>