للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم أجلس في الحجر (١) عند الركن الشامي حتى تطلع الشمس ثم أطوف بالبيت سبعا، ثم أصلي خلف المقام ركعتين، ثم أصلي الظهر بالمدينة والعصر ببيت المقدس والمغرب بطور سيناء، والعشاء بسد ذي القرنين. قم لا أزال أحرس إلى الغداة - عليه وعلى جميع المذكورين السلام.

[فصل]

عن بعض الصالحين قال: وصف لي ثلاثة نفر من البدلاء من العشرة، فقصدتهم وسألت عنهم، فإذا واحد منهم إمام جامع، فرأيت عليه نبرة (٢) حسنة وثيابا جميلة، وله نعمة كثيرة يديرها، واسمه إبراهيم، واسم الآخرين الحسن والحسين.

فجئت إلى إبراهيم الإمام بين المغرب والعشاء، فسلمت عليه وقلت: إني قصدتك. ففرح بي. فلما صلينا العشاء أخذ بيدي ومضينا إلى منزله، فإذا قصر عظيم وحاشية كبيرة، فقدم لنا مائدة كبيرة عليها طعام كثير، فجلس معنا الحسن والحسين، ولم يجلس معنا إبراهيم الإمام، فأكلنا، فسألتهما عنه فقالا: إنه لا يأكل إلا اللبن، فلما كان وقت النوم فرش له فُرُش كثيرة، فنام عليها، فلم أزل أرقبه.

فلما كان في بعض الليل نزل عن الفراش فصلى (٣) ركعتين من غير أن يتوضأ، قرأ في الأولى فاتحة الكتاب و ﴿قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ﴾ وفي الأخرى فاتحة الكتاب و ﴿قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ﴾ فلما سلم قال: لا إله إلا اللَّه وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، يحيي ويميت وهو حي لا يموت وهو على كل شيء قدير، اللهم لا مانع


(١) الحِجر: قال في النهاية: هو اسم الحائط المستدير على جانب الكعبة الغربي.
وروى مسلم في صحيحه [٤٠٠ - (١٣٣٣)] كتاب الحج، [٦٩] باب نقض الكعبة وبنائها، عن ابن عمر، عن عائشة أنها قالت: سمعت رسول اللَّه يقول: "لولا أن قومك حديثو عهد بجاهلية لأنفقت كنز الكعبة في سبيل اللَّه ولجعلت بابها بالأرض، ولأدخلت فيها الحجر" قال النووي بعد أن ساق رأيا ثم قال في الثاني: لا يصح الطواف حتى يطوف خارجا من جميع الحجر، وهذا هو الصحيح، وهو الذي نص عليه الشافعي، وقطع به جماهير أصحابنا العراقيين، ورجحه جمهور الأصحاب. [النووي في شرح مسلم (٩/ ٧٧، ٧٨) طبعة دار الكتب العلمية].
(٢) النبر في النطق: إبراز أحد مقاطع الكلمة عند النطق به.
(٣) قيام الليل هو تطوع في حق الأمة بالإجماع، وأما للنبي فاختلفوا في نسخه في حقه، والأصح نسخه وأما ما حكاه القاضي عياض عن بعض السلف أنه يجب على الأمة من قيام الليل ما يقع عليه الاسم، ولو قدر حلب شاة فغلط ومردود بإجماع من قبله مع النصوص الصحيحة أنه لا واجب إلا الصلوات الخمس.

<<  <  ج: ص:  >  >>