للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من العشرة واحد، فضم إلى السبعة، فاختير من الأربعين إلى العشرة، ومن السبعين إلى الأربعين، ومن الثلاثمائة إلى السبعين، واختير من الدنيا واحد إلى الثلاثمائة، يعني من أهل الدنيا، هكذا إلى يوم ينفخ في الصور، منهم من قلبه مثل قلب موسى وعيسى -عليهما الصلاة والسلام- ومنهم من قلبه مثل قلب نوح وإبراهيم .

فقلت له: مثل قلب إبراهيم؟ تعظيما له (١) قال: نعم، ومثل قلب جبريل وداود وسليمان -عليهم الصلاة والسلام- أما سمعت قول اللَّه ﷿: ﴿فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ﴾ [الأنعام: ٩٠] فما مات نبي إلا وعلى طريقته رجل يسلكها إلى يوم القيامة، فلو أن قلوب الأربعين اطلعوا على قلوب العشرة لرأوا قتلهم ودماءهم حلالًا، وكذا السبعون لو اطلعوا على قلوب الأربعين لرأوا دماءهم حلالًا أما ترى ما كان في قصة موسى معي؟ (٢) قال: فقلت له: مم طعامك؟ قال: من الكرفس والكمأة (٣) قلت: فطعام إلياس؟ قال: رغيفان حُوَّارَى كل ليلة. فقلت: وأين مقامه؟ قال: في جزائر البحر، قلت: فهل تجتمعان؟ قال: نعم إذا مات وليٌّ صلينا عليه وإذا كان موسم اجتمعنا، فيأخذ من شعري وآخذ من شعره.

قلت: فعرفني أسماء هؤلاء الذين سميتهم، فأخرج درجا من كمه فيه أسماء القوم كلهم، قد كتبهم، ثم قام فقمت معه، فقال لي: إلى أين تريد؟ فقلت: أمشي معك، فقال لا سبيل لك إلى ذلك، فقلت: إلى أين تقصد؟ قال أصلي الغداة بمكة،


(١) قال تعالى: ﴿إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِلَّهِ حَنِيفًا وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (١٢٠)﴾ [النحل: ١٢٠].
يمدح اللَّه تعالى عبده ورسوله وخليله إبراهيم إمام الحنفاء ووالد الأنبياء ويبرئه من المشركين ومن اليهودية والنصرانية فقال: ﴿إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً﴾ [النحل: ١٢٠] فأما الأمة فهو الإمام الذي يقتدى به، والقانت هو الخاشع، والحنيف المنحرف قصدا عن الشرك إلى التوحيد. [تفسير ابن كثير (٢/ ٦٠٩)].
(٢) روى مسلم في صحيحه [١٧٠ - (٢٣٨٠)] كتاب الفضائل، [٤٦] باب من فضائل الخضر ، وفيه عن سعيد بن جبير قال: قلت لابن عباس: إن نوفا البكالي يزعم أن موسى صاحب بني إسرائيل ليس هو موسى صاحب الخضر فقال: كذب عدو اللَّه؛ سمعت أُبَيَّ بن كعب يقول: سمعت رسول اللَّه : "قام موسى خطيبا في بني إسرائيل. . . . " وذكر الحديث كما ورد في سورة الكهف.
(٣) الكمأة: بفتح الكاف وإسكان الميم، بعدها همزة مفتوحة، واختلف في قوله : "الكمأة من المنَّ" فقال أبو عبيد وكثيرون: شبهها بالمن الذي كان ينزل على بني إسرائيل لأنه كان يحصل لهم بلا كلفة ولا علاج، والكمأة تحصل بلا كلفة ولا علاج ولا زرع ولا سقي ولا غيره، وقيل: هي من المن الذي أنزل اللَّه تعالى على بني إسرائيل حقيقة عملا بظاهر اللفظ.

<<  <  ج: ص:  >  >>