للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[فصل فيما يقوله إذا ركب دابة للسفر]

قال تعالى: ﴿وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْفُلْكِ وَالْأَنْعَامِ مَا تَرْكَبُونَ﴾ (١) الآية.

وروينا من حديث ابن عمر أنه "كان إذا استوى على بعيره خارجا إلى سفر كبَّر ثلاثا ثم قال: "سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين وإنا إلى ربنا لمنقلبون، اللهم إنا نسألك في سفرنا هذا البر والتقوى ومن العمل ما ترضى، اللهم هوِّن علينا سفرنا هذا واطو عنَّا بعده، اللهم أنت الصاحب في السفر والخليفة في الأهل، اللهم إني أعوذ بك من وَعْثَاء السفر وكآبة المنظر وسوء المنقلب في المال والأهل" وإذا رجع قالهن وزاد فيهن: "آيبون تائبون عابدون لربنا حامدون"." (٢)

يعني مقرنين: مطيعين، والوَعثاء بفتح الواو وإسكان العين المهملة وبالمثلَّثة وبالمد وهي الشِّدَّة. والكآبة بالمد وهي تغير النفس من حُزن ونحوه. والمنقلَب: المرجع.

وروينا من حديث عبد اللَّه بن سرجس قال: "كان رسول اللَّه إذا سافر يتعوَّذ من وعثاء السفر وكآبة المنقلب والحَورِ بعد الكَون (٣) ودعوة المظلوم وسوء المنظر في الأهل والمال (٤) رواه مسلم. هكذا بالنون، وكذا رواه الترمذي والنسائي. وروى بالراء كما ذكره الترمذي، ومعناهما جميعا الرجوع من الاستقامة أو الزيادة إلى النقص، فالنون من الكون مصدر "كان يكون كونا" إذا وُجدَ واستقر، والراء من تكوير العمامة وهو كفها وجمعها.

وروينا من حديث علي بن ربيعة قال: "شهدت عليًّا أُتِيَ بدابة ليركبها، فلما وضع رجله في الركاب قال: بسم اللَّه، فلما استوى على ظهرها قال: الحمد للَّه، ثم قال: سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين وإنا إلى ربنا لمنقلبون، ثم قال:


(١) سورة الزخرف (١٢).
(٢) أخرجه مسلم في صحيحه [٤٢٠ - (١٣٤٢)] كتاب الحج، [٧٥] باب ما يقول إذا ركب إلى سفر الحج وغيره، وأبو داود في سننه (٢٥٩٩)، وأحمد في مسنده (٢/ ١٥٠)، والبيهقي في السنن الكبرى (٣/ ٣١٥)، والزبيدي في الإتحاف (٤/ ٣٢٨، ٤٣١).
(٣) قال القاضي: قال إبراهيم الحربي: يقال إن عاصما. يقصد الأحول من رواة الحديث. وهم فيه، وأن صوابه الكور، بالراء. قلت: وليس كما قال الحربي، بل كلامهما روايتان، وممن ذكر الروايتين جميعا الترمذي في جامعه، وخلائف من المحدثين، وذكرهما أبو عبيد وخلائق من أهل اللغة وغريب الحديث. [النووي في شرح مسلم (٩/ ٩٤) طبعة دار الكتب العلمية].
(٤) أخرجه مسلم في صحيحه [٤٢٦ - (١٣٤٣)] كتاب الحج، [٧٥] باب ما يقول إذا ركب إلى سفر الحج وغيره، والنسائي (٨/ ٢٧٣ - المجتبى).

<<  <  ج: ص:  >  >>