للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الحارث المحاسبي (١) السيد، وبسَّطه.

ولست أرى السعادة جمع مال … ولكن التقي هو السعيد

فتقوى اللَّه خير الزاد جدًا … وعند اللَّه الأتقى يزيد

[فصل]

وقد كان سفيان الثوري يزور رابعة العدوية (٢) ويتأدب معها.

وكان الإمام أحمد عند الشافعي، وجاء شيبان الراعي، فقال الإمام أحمد أُريد أن أنبه هذا على نقصان علمه ليشغل بتحصيل بعض العلوم، فقال له الشافعي لا تفعل (٣)، فلم يطعه فقال لشيبان: ما تقول فيمن نسى صلاة من الخمس لا يدري عينها.

فقال: يا أحمد هذا قلب غفل عن اللَّه فيؤدب حتى لا يغفل عن صلاته، فغشي على أحمد.

وفي رواية عنه: يؤدب بإعادة الخمس.

فلما أفاق قال له الشافعي: ألم أنهك عن ذلك.

وكذلك لما سعى بالصوفية إلى بعض الخلفاء فأمر أن تضرب أعناقهم.

فأما الجنيد فتستر بالفقه، كان يفتي على مذهب أبي ثور.


(١) الحارث بن أسد المحاسبي أبو عبد اللَّه، من علماء مشايخ القوم بعلوم الظاهر وعلوم الأصول وعلوم المعاملات، وهو أستاذ أكثر البغداديين بصري الأصل، مات ببغداد سنة (٢٤٣). ومن كلامه: من صحح باطنه بالمراقبة والإخلاص زين اللَّه تعالى ظاهره بالمجاهدة واتباع السنة وكان يقول خيار هذه الأمة هم الذين لا تشغلهم آخرتهم عن ديناهم ولا دنياهم عن آخرتهم.
(٢) رابعة العدوية كانت كثيرة البكاء والحزن وكانت إذا سمعت ذكر النار غشي عليها زمانًا وكانت تقول: استغفارنا يحتاج إلى استغفار وكانت ترد ما أعطاه الناس لها وتقول: مالي حاجة بالدنيا، وكانت بعد أن بلغت ثمانين سنة كأنها شن بال تكاد تسقط إذا مشت وكان كفنها لم يزل موضوعا أمامها، وكان بموضع سجودها وكان موضع سجودها كهيئة الماء المستنقع من دموعها، وسمعت سفيان الثوري يقول واحزناه فقالت له: وا قلة حزناه، ولو كنت حزينا ما هناك العيش.
(٣) قال عبد اللَّه بن أحمد، عن أبيه وذكر الشافعي عنده، فقال: ما استفاد منا أكثر مما استفدنا منه. وروى عنه الشافعي لكنه قال: الثقة ولم يسمه وقال عبد اللَّه بن أحمد: قلت لأبي: يا أبة أي رجل كان الشافعي؟ فإنى سمعتك تكثر من الدعاء له؟ فقال: يا بني كان الشافعي كالشمس للدنيا، وكالعافية للناس، فهل لهذين من خلف، أو منهما عوض. وقال أبو داود: ما رأيت أحمد يميل إلى أحد إلا الشافعي، وقال الميموني: سمعت أحمد بن حنبل يقول: ستة أدعو لهم سحرا أحدهم الشافعي. الذهبي في تاريخ الإسلام وفيات (٢٤١ - ٢٥٠) ووفيات (٢٠١ - ٢١٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>