للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الغرَّاء يحملها أربعة رجال، فلما أضحوا وسجدوا الضحى أتى بتلك القصعة. يعني وقد ثُرِدَ فيها. فالتفُّوا عليها، فلما كثروا جثى رسول اللَّه فقال أعرابي: ما هذه الجلسة؟ قال النبي : "إن اللَّه جعلني عبدا كريما ولم يجعلني جبَّارًا عنيدا"، ثم قال رسول اللَّه : "كُلوا من حَوَاليها ودعوا ذُروتها يُبارك فيها" (١) رواه أبو داود بإسناد جيد. ذُروتها: أعلاها، بكسر الذال وضمِّها.

فصل في كراهة الأكل مُتَّكئًا

روينا من حديث أبي جحيفة وهب بن عبد اللَّه قال: قال رسول اللَّه : "لا آكل متَّكئا" (٢) أخرجه البخاري. قال الخطَّابي: الاتكاء هنا هو الجالس معتمدا على وطاء تحته، قال: وأراد أنه لا يقعد على الوطاء والوثائر (٣) كفعل من يريد الإكثار من الطعام، بل يقعد مستوفرا لا مستوطئا ويأكل (بلغة) هذا كلامه. وأشار غيره إلى أن المتَّكئ هو المائل على جنب.

وروينا من حديث أنس قال: "رأيت رسول اللَّه جالسًا مُقْعيا يأكل تمرا" (٤) رواه مسلم. المقعي هو الذي يلصق أليته بالأرض وينصب ساقيه.

فصل في استحباب الأكل بثلاثة أصابع واستحباب لَعْقها وكراهة مسحها قبل لعقها

واستحباب لعق القصعة وأخذ اللقمة التي سقط منها وأكلها، وجواز مسحها بغير اللعق بالساعد والقدم وغيرهما (٥).


(١) تقدم تخريجه أول الحديث.
(٢) أخرجه البخاري في صحيحه (٥٣٩٨) كتاب الأطعمة [١٤] باب الأكل متكئا، وأبو داود في سننه (٣٧٦٩) كتاب الأطعمة، باب ما جاء في الأكل متكئا، والترمذي (١٨٣٠)، وأحمد بن جنبل في مسنده (٤/ ٣٠٨، ٣٠٩)، والبيهقي في السنن الكبرى (٧/ ٢٨٣)، والتبريزي في مشكاة المصابيح (٤١٦٨)، والزبيدي في الإتحاف (٥/ ٢١٤، ٢١٥)، وأبو نعيم في حلية الأولياء (٧/ ٢٥٦).
(٣) الوثر: الفراش الناعم اللين.
(٤) أخرجه مسلم في صحيحه [١٤٨ - (٢٠٤٤)] كتاب الأشربة، [٢٤] باب استحباب تواضع الآكل وصفة قعوده، وأبو داود في سننه (٣٧٧١) كتاب الأطعمة، باب ما جاء في الأكل متكئا.
قال النووي: قرله: "مقعيا" أي جالسا على أليته ناصبا ساقية، ومحتفزا. في الرواية الأخرى. هو بالزاي أي مستعجلا، مستوفز: غير متمكن في جلوسه، وهو بمعنى قوله مقعيا. [النووي في شرح مسلم (١٣/ ١٩١) طبعة دار الكتب العلمية].
(٥) قال النووي بعد ذكر أحاديث كثيرة: في هذه الأحاديث أنواع من سنن الأكل: منها: استحباب لعق اليد محافظة على بركة الطعام وتنظيفا لها، واستحباب الأكل بثلاث أصابع، ولا يضم إليها =

<<  <  ج: ص:  >  >>