للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال العلماء: وطريق الجمع بين الأحاديث أن يقال: إن كان الممدوح عنده كمال إيمان ويقين ورياضة نفس ومعرفة تامة بحيث لا يفتتن ولا يغتر بذلك ولا تلعب به نفسه، فليس بحرام أو مكروه وإن خيف عليه من هذه الأمور كره مدحه في وجهه كراهة شديدة، وعلى هذا التفصيل تنزل الأحاديث المختلفة في ذلك.

ومما جاء في الإباحة قوله لأبي بكر : "أرجو أن تكون منهم" (١) أي من الذين يدعون من جميع أبواب الجنة لدخولها.

وفي الحديث الآخر: "لست منهم أي لست من الذين يسبلون إزارهم خيلاء" (٢).

وقال لعمر : "ما رأك الشيطان سالكًا فجًّا إلا سلك فجًا غير فجك" (٣).

والأحاديث في الإباحة كثيرة.

فصل في كراهة الخروج من بلد وقع فيه الوباء فرارًا منه

وكراهة القدوم عليه.

قال اللَّه تعالى: ﴿أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ﴾ (٤).

وقال تعالى: ﴿وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ﴾ (٥).

وروينا عن ابن عباس أن عمر بن الخطاب خرج إلى الشام حتى إذا كان بسرغ لقيه أمراء الأجناد أبو عبيدة بن الجراح وأصحابه فأخبروه أن الوباء قد وقع بالشام.

قال ابن عباس فقال لي عمر ادع المهاجرين الأولين (٦)، فدعوتهم


(١) أخرجه البخاري في صحيحه [٣٦٦٦] كتاب فضائل الصحابة، باب قول النبي : "لو كنت متخذًا خليلًا"، ومسلم في صحيحه [٨٥ - (١٠٢٧)] كتاب الزكاة [٢٧] باب من جمع الصدقة وأعمال البر.
(٢) أخرجه البخاري في صحيحه [٣٦٦٥] كتاب فضائل أصحاب النبي ، باب قول النبي : "لو كنت متخذًا خليلًا".
(٣) أخرجه الترمذي في سننه [٣٦٩٠] كتاب المناقب، باب في مناقب عمر بن الخطاب .
(٤) سورة النساء [٧٨].
(٥) سورة البقرة [١٩٥].
(٦) قال القاضي: المراد بالمهاجرين الأولين من صلى للقبلتين فأما من أسلم بعد تحويل القبلة فلا يعد فيهم قال: وأما مهاجرة الفتح فقيل: هم الذين أسلموا قبل الفتح فحصل لهم فضل بالهجرة قبل الفتح إذ لا هجرة بعد الفتح، وقيل: هم مسلمة الفتح الذين هاجروا بعده فحصل لهم اسم دون الفضيلة. قال القاضي: هذا أظهر لأنهم الذين ينطلق عليهم مشيخة قريش، وكان رجوع عمر لرجحان طرف الرجوع لكثرة القائلين به وأنه أحوط، ولم يكن مجرد تقليد لمسلمة =

<<  <  ج: ص:  >  >>