للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[مجلس في وجوب صوم رمضان وبيان فضل الصيام وما يتعلق به]

قال اللَّه تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ﴾ (١).

إلى قوله: ﴿فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ﴾.

إلى قوله: ﴿شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ﴾ (٢).

وهي دالة على الإيجاب من كتب عليكم، وعلى فضله باعتبار غايته المرجوة من قوله: ﴿لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾ [البقرة: ١٧٩]. وبكونه هدى أو أنزل فيه هدى.

وقد سلفت الأحاديث في الزكاة (٣) الدالة على أنه أحد مباني الإسلام، أو أحد أجزاء الأركان ونحو ذلك.

وروينا من حديث أبي هريرة قال: قال رسول اللَّه : "قال اللَّه تعالى: كل عمل ابن آدم له إلَّا الصيام (٤) فإنه لي وأنا أجزي به، والصيام جُنَّة، فإذا كان يوم


(١) سورة البقرة (١٨٣) يقول تعالى مخاطبا للمؤمنين من هذه الأمة وآمرًا لهم بالصيام وهو الإمساك عن الطعام والشراب والوقاع بنيةٍ خالصة للَّه ﷿ لما فيه من زكاة النفوس وطهارتها وتنقيتها من الأخلاط الرديئة والأخلاق الرذيلة وذكر أنه كما أوجبه عليهم فقد أوجبه على من كان قبلهم فلهم فيه أسوة حسنة، وليجتهد هؤلاء في أداء هذا الفرض أكمل مما فعله أولئك. تفسير ابن كثير (١/ ٢١٣).
(٢) سورة البقرة (١٨٥).
(٣) الزكاة هي في اللغة النماء والتطهير، فالمال ينمى بها من حيث لا يرى وهي مطهرة لمؤديها من الذنوب، وقيل: ينمى أجرها عند اللَّه تعالى، وسميت في الشرع زكاة لوجود المعنى اللغوي فيها وقيل: لأنها تزكى صاحبها وتشهد بصحة إيمانه قالوا: وسميت صدقة لأنها دليل لتصديق صاحبها وصحة إيمانه بظاهره وباطنه. قال القاضي: قال المازري : قد أفهم الشرع أن الزكاة وجبت للمواساة وأن المواساة لا تكون إلا في مال له بال وهو النصاب، ثم جعلها في الأموال الثابته وهي العين والزرع والماشية. [النووي في شرح مسلم (٧/ ٤٢، ٤٣) طبعة دار الكتب العلمية].
(٤) اختلف العلماء في معناه مع كون جميع الطاعات للَّه تعالى فقيل: سبب إضافته إلى اللَّه تعالى أنه لم يعبد أحد غير اللَّه تعالى به، فلم يعظم الكفار في عصر من العصور معبودا لهم بالصيام وإن كانوا يعظمونه بصورة الصلاة والسجود والصدقة والذكر وغير ذلك. وقيل: لأن الصوم بعيد من الرياء لخفائه بخلاف الصلاة والحج والغزو والصدقة وغيرها من العبادات الظاهرة، وقيل: لأنه ليس للصائم ونفسه فيه حظ. [النووي في شرح مسلم (٨/ ٢٤) طبعة دار الكتب العلمية].

<<  <  ج: ص:  >  >>