للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب، فإن سَابَّه أحد أو قاتله فليقل إني امرؤ صائم.

والذي نفس محمد بيده لخلوف فم الصائم أطيب عند اللَّه من ريح المسك.

للصائم فرحتان يفرحهما: إذا أفطر فرح، وإذا لقي ربه فرح بصومه" (١).

أخرجاه، والسياق للبخاري.

وفي رواية له: "يترك طعامه وشرابه وشهوته من أجلي، الصيام لي وأنا أجزي به، الحسنة بعشرة أمثالها" (٢).

ولمسلم: "كل عمل ابن آدم يضاعف الحسنة عشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف، قال اللَّه ﷿: إلَّا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به، يدع شهوته وطعامه من أجلي، للصائم فرحتان فرحة عند فطره وفرحة عند لقاء ربه، ولخلُوف فِيه أطيب عند اللَّه من ريح المسك" (٣).

وقد ذكر العلماء في معنى قوله: "إلَّا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به" أقوالًا كثيرة:

ذكر منها أبو الخير الطالقاني في كتابه حظائر القدس زيادة على ستين قولًا، ومن أحسنها قولان: أحدهما: أن الصوم لم يُعبد به غيره، فلذلك اختص بهذا الفضل.

وثانيهما: أنه لا يطلع عليه أحد من الخلق، بخلاف غيره من العبادات.

وقوله: "جُنَّة" (٤) أي حاجز بين الإسلام، وبين مهالكه ومؤذياته.

وفي الرواية الثانية: إشعار بمعنى الصوم، أي لا شهوة للعبد فيه برياء ولا


(١) أخرجه البخاري في صحيحه (١٩٠٤) كتاب الصوم، ٩ - باب هل يقول إنى صائم إذا شُتِم. ومسلم في صحيحه [١٦٣ - (١١٥١)] كتاب الصيام، ٣٠ - باب فضل الصيام. وأحمد في مسنده (٣/ ٢٧٣)، والبيهقي في السنن الكبرى (٤/ ٢٧٠)، والزبيدي في إتحاف السادة المتقين (٤/ ١٨٨، ١٨٩)، وعبد الرزاق في مصنفه (٧٨٩١)، والسيوطي في الدر المنثور (١/ ١٧٩، ٢/ ٧٩).
(٢) أخرجه البخاري في صحيحه (١٨٩٤) كتاب الصوم، ٢ - باب فضل الصوم.
(٣) أخرجه مسلم في صحيحه [٦٤ - (١١٥١)] كتاب الصيام، ٣٠ - باب فضل الصيام وابن ماجه في سننه (١٦٣٨، ٣٨٢٣)،- وأحمد في مسنده (٢/ ٤٤٣، ٤٧٧)، والبيهقي في السنن الكبرى (٤/ ٢٧٣، ٣٠٤)، وابن أبي شيبة في مصنفه (٣/ ٥)، والتبريزي في مشكاة المصابيح (١٩٥٩)، والسيوطي في الدر المنثور (٢/ ٨١)، وذكره الحافظ ابن حجر في الفتح (١٠/ ٣٦٩)، وابن كثير في تفسيره (١/ ٤٦٨).
(٤) قوله "الصيام جُنَّة" هو يضم الجيم، ومعناه ستره ومانع من الرفث والآثام، ومانع أيضا من النار، ومنه المجن وهو الترس، منه الجن لاستتارهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>