للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

غيره، بل هو ترك طعامه وشرابه وشهوته من أجل اللَّه.

وفي الثالثة: تبيين ما أبهمته الحسنة بعشر أمثالها، وإيضاح أن الصوم بغير حساب الحسنات ولو ضُوعفت سبعمائة ضعف (١).

وروينا في الصحيحين من حديث أبي هريرة أيضًا أن رسول اللَّه قال: "من أنفق زوجين في سبيل اللَّه (٢)، نودي من أبواب الجنة: يا عبد اللَّه هذا خير، فمن كان من أهل الصلاة دُعي من باب الصلاة، ومن كان من أهل الجهاد دُعي من باب الجهاد، ومن كان من أهل الصيام دُعي من باب الريان، ومن كان من أهل الصدقة دُعي من باب الصدقة" قال أبو بكر : بأبى أنت وأمي يا رسول اللَّه ما على من دُعي من تلك الأبواب من ضرورة، فهل يدعى أحد من تلك الأبواب كلها؟

قال: "نعم، وأرجو أن تكون منهم" (٣).

وفيه فضل ظاهر على الصيام، فإنه قبل دخولهم من باب الريان يدخل منه الصائمون يوم القيامة لا يدخل منه أحد غيرهم.

فإذا دخلوا أُغلق فلم يدخل منه أحد.

وهذا تخصيص باهر.


(١) قوله تعالى "وأنا أجزي به" قيل معناه أنا المنفرد بعلم مقدار ثوابه أو تضعيف حسناته وغيره من العبادات أظهر سبحانه بعض مخلوقاته على مقدار ثوابها، وقيل: هي إضافة تشريف كقوله تعالى ﴿نَاقَةُ اللَّهِ﴾ [الأعراف: ٧٣] مع أن العالم كله للَّه تعالى وفي هذا الحديث بيان عظم فضل الصوم والحث إليه وقوله تعالى "وأنا أجزي به" بيان لعظم فضله وكثرة ثوابه لأن الكريم إذا أخبر بأنه يتولى بنفسه الجزاء اقتضى عظم قدر الجزاء وسعة العطاء [النووي في شرح مسلم (٨/ ٢٥) طبعة دار الكتب العلمية].
(٢) قال القاضى عياض: قال الهروى في تفسير هذا الحديث: قيل وما زوجان، قال: فرسان أو عبدان أو بعيران، وقال ابن عرفة: كل شيء قرن بصاحبه فهو زوج، يقال زوجت بين الإبل إذا قرنت بعيرًا ببعير، وقيل: درهم ودينار أو درهم وثوب، قال: والزوج يقع على الاثنين ويقع على الواحد، وقيل إنما يقع على الواحد إذا كان معه آخر. [النووي في شرح مسلم (٧/ ١٠٢، ١٠٣) طبعة دار الكتب العلمية].
(٣) أخرجه البخاري في صحيحه (١٨٩٧) كتاب الصوم، ٤ - باب الريان للصائمين ورقم (٢٨٤١) كتاب الجهاد والسير، ٣٧ - باب فضل النفقة في سبيل اللَّه. ورقم (٣٢١٦) كتاب بدء الخلق، ٦ - باب ذكر الملائكة صلوات اللَّه عليهم ورقم (٣٦٦٦) كتاب فضائل أصحاب النبي ، ٥ - باب قول النبي "لو كنت متخذا خليلا" ومسلم [٨٥ - (١٠٢٧)]، (٨٦)، كتاب الزكاة، ٢٧ - باب من جمع الصدقة وأعمال البر والترمذي (٣٦٧٤)، والنسائي (٤/ ١٦٨ - المجتبى) وأحمد في مسنده (٤/ ٣٨٦)، والبيهقي في السنن الكبرى (٩/ ١٧١)، والمنذري في الترغيب والترهيب (٣/ ٧٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>