للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وما أشنعها هتكة على رؤوس الأشهاد.

وروينا من حديث أبي سعيد الخدري مرفوعًا: "لكل غادر لواء عند استه، عند القيامة يرفع له بقدر غدره ولا كادو أعظم غدرًا من أمير عامة".

أخرجه مسلم (١). فهو خزي وعار.

وروينا من حديث أبي هريرة مرفوعًا قال: "قال اللَّه تعالى: ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة، رجل أعطي بي ثم غدر ورجل باع حرا فأكل ثمنه، ورجل استأجر أجيرا فاستوفى منه ولم يعطه أجره" (٢).

رواه البخاري.

وما أعظم جناية هؤلاء، إذ الأول: ما وقَّر الرب والثاني: جنى على رتبة الرب تعالى حيث رفض أحكامه واتبع هواه، والثالث: كذلك إذ جعل منافعه له.

[فصل في النهي عن المن بالعطية ونحوها]

قال تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذَى﴾ (٣).

وقال: ﴿الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ لَا يُتْبِعُونَ مَا أَنْفَقُوا مَنًّا وَلَا أَذًى﴾ (٤).

وروينا من حديث أبي ذر مرفوعًا: "ثلاثة لا يكلمهم اللَّه يوم القيامة ولا ينظر إليهم ولا يزكيهم، ولهم عذاب أليم".

قال: فقرأها رسول اللَّه ثلاث مرار.


= الغدر. وأحمد في مسنده [١/ ٤١١، ٤١٧]، والبيهقي في السنن الكبرى [٨/ ١٦٠، ٩/ ١٤٢]، مشكاة المصابيح [٣٧٢٦]، والمنذري في الترغيب والترهيب [٤/ ١٠].
(١) أخرجه مسلم في صحيحه [١٥، ١٦ - (١٧٣٨)] كتاب الجهاد والسير، [٤] باب تحريم الغدر، والترمذي في سننه [١٥٨١] وأحمد في مسنده [١/ ٤١٧، ٣/ ٣٥].
(٢) أخرجه البخاري في صحيحه [٢٢٧٠] كتاب الإجارة، [١٠] باب إثم من منع أجر الأجير، وابن ماجه في سننه [٢٤٤٢] كتاب الرهون، باب أجر الأجراء، وأحمد في مسنده [٢/ ٣٥٨]، والبيهقي في السنن الكبرى [٦/ ١٢١].
(٣) سورة البقرة [٢٦٤].
(٤) سورة البقرة [٢٦٢].
يمدح اللَّه الذين ينفقون في سبيله ثم لا يتبعون ما أنفقوه من الخيرات والصدقات منَّا على من أعطوه فلا يمنون به على احد ولا يمنون به لا بقول ولا فعل. وقوله: ﴿وَلَا أَذًى﴾ أي لا يفعلون مع من أحسنوا إليه مكروها يحبطون به ما سلف من الإحسان ثم وعدهم اللَّه تعالى الجزاء الجزيل على ذلك فقال: ﴿لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ﴾ أي ثوابهم على اللَّه لا على أحد سواه ﴿وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ﴾ [تفسير ابن كثير (١/ ٣١٧، ٣١٨)].

<<  <  ج: ص:  >  >>