للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[مجلس في الصبر]

وهو مسك النفس وحبسها عما يكره الرب -تعالى- وتنشأ من تعظيم أمره، وإيثار رضوانه، والحذر من مقته. ويترتب عليه الثبات -إن شاء اللَّه- إلى الممات.

قال تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا﴾ (١) والصبر شامل، والمصابرة فرد من أفراده.

والعطف للعناية، لينال بها في الجهاد إلى أشرف غاية.

وقال تعالى: ﴿إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ﴾ (٢).

وقال: ﴿وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ (٤٣)(٣) أي المهمات منها.

وقال: ﴿وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ﴾. (٤)

فالالتجاء بهما عند حلول البليات يجزل الصلات.

وقال: ﴿وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ﴾ (٥) فيعز المرء إذ ذاك أو يهان، فبالاختبار تظهر الرجال.

والآيات في الأمر بالصبر كثيرة مشهورة غزيرة، ولنذكر جملة من الأحاديث الثابتة في فوائده، ومستهلات منازله، وبيان وقته وأهله وما ينافيه، وتنوع حكمته، والزجر عن تمني موجبه، فإنما هو للضرورة في شكر العافية أغنى عنه، وصبر السَّراء أفضل من صبر الضَّراء (٦)، ويحضرنا منها تسعة وعشرون حديثًا.


(١) سورة آل عمران [٢٠٠].
قال الحسن البصري: أمروا أن يصبروا على دينهم الذي ارتضاه اللَّه لهم وهو الإسلام فلا يدعوه لسراء ولا لضراء، ولا لشدة ولا لرخاء، حتى يموتوا مسلمين، وأن يصابروا الأعداء الذين يكتمون دينهم، وكذلك قال غير واحد من علماء السلف. تفسير ابن كثير [١/ ٤٤٤].
(٢) سورة الزمر [١٠].
قال الأوزاعي: ليس يوزن لهم ولا يكال لهم، إنما يغرف لهم غرفًا، وقال ابن جريج: بلغني أنه لا يحسب عليهم ثواب عملهم قط، ولكن يزادون على ذلك، وقال السدي: ﴿إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ﴾ [الزمر: ١٠] يعني في الجنة. تفسير ابن كثير [٤/ ٤٨].
(٣) سورة الشورى [٤٣].
(٤) سورة البقرة [٤٥].
(٥) سورة محمد [٣١].
(٦) قال النووي: الصبر المحبوب في الشرع هو الصبر على طاعة اللَّه -تعالى- والصبر على معصيته =

<<  <  ج: ص:  >  >>