للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[مجلس في السلام وأحكامه]

[فصل في فضله والأمر بإفشائه]

قال تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا﴾ (١). وقال: ﴿فَإِذَا دَخَلْتُمْ بُيُوتًا فَسَلِّمُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ تَحِيَّةً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُبَارَكَةً طَيِّبَةً﴾ (٢) وقال: ﴿وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا﴾ (٣). وقال: ﴿هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ الْمُكْرَمِينَ (٢٤) إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقَالُوا سَلَامًا قَالَ سَلَامٌ﴾ (٤). ففي الآية الأولى: السلام قبل دخول دار الغير. وفي الثانية: السَّلام بعد الدخول. وفي الثالثة: الأمر بالرَّدِّ. وفي الرابعة: بيان صفة السلام ابتداء وردًّا.

وروينا من حديث عبد اللَّه بن عمرو بن العاص أن رجلا سأل رسول اللَّه : أي الإسلام خير؟ قال: "تُطعم الطعام، وتقرأ السَّلام على من عرفت ومن لم تعرف" (٥) أخرجاه.

وروينا من حديث أبي هريرة مرفوعًا: "لما خلق اللَّه آدم قال: اذهب فسلِّم على أولئك النَّفر من الملائكة جلوس، فاستمع ما يجيبونك فإنها تحيَّتك وتحيَّة ذريَّتك. قال: فذهب فقال: السلام عليكم. فقالوا: السلام عليك ورحمة اللَّه، قال: فزادوه


(١) سورة النور (٢٧).
(٢) سورة النور (٦١).
(٣) سورة النساء (٨٦).
(٤) سورة الذاريات (٢٤، ٢٥).
قوله: ﴿هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ الْمُكْرَمِينَ (٢٤)﴾ [الذاريات: ٢٤]؛ أي الذي أرصد لهم الكرامة، وقد ذهب الإمام أحمد وطائفة من العلماء إلى وجوب الضيافة للنزيل، وقد وردت السنة بذلك، كما هو ظاهر التنزيل، وقوله تعالى: ﴿قَالُوا سَلَامًا قَالَ سَلَامٌ﴾ [هود: ٦٩]، الرفع أقوى وأثبت من النصب، فرده أفضل من التسليم، ولهذا قال: ﴿وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا﴾ [النساء: ٨٦] فالخليل اختار الأفضل. [تفسير ابن كثير (٤/ ٢٣٥)].
(٥) أخرجه البخاري في صحيحه (١٢) كتاب الإيمان، [٦] باب إطعام الطعام من الإسلام، ومسلم في صحيحه [٦٣ - (٣٩)] كتاب الإيمان، [١٤] باب بيان تفاضل الإسلام وأي أموره أفضل، وأبو داود في سننه (٥١٩٤)، وابن ماجه (٣٢٥٣)، والمنذري في الترغيب والترهيب (٢/ ٦٢)، وابن حجر في تلخيص الحبير (٤/ ٩٣)، والتبريزي في مشكاة المصابيح (٤٦٢٩)، والزبيدي في الإتحاف (٢/ ٢٣٧، ٥/ ٢٣٩)، وأبو نعيم في حلية الأولياء (١/ ٢٨٧، ٣/ ٤٢٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>