للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ظاهري. فبينما أنا كذلك لم أشعر إلا برجلين كهلين حسنين سلما عليَّ فرددت عليهما السلام، فقالا لي: ما اسمك؟ فقلت عبد اللَّه، فقال أحدهما: ونحن عبيد اللَّه نقصد اللَّه، فمشينا جميعا، فلما كان وقت الظهر، نظر إليَّ أحدهما وقال: هو الوقت؟ قلت نعم.

فقال: فصلِّ إماما.

قلت: تحملا عني ذلك. فصلى بنا أحدهما وتركع كل واحد منا، فقدَّم الذي أَمَّ بنا طبقا عليه قطف من عنب وتين لم أر أحسن منه، وقال: بسم اللَّه، فأكلنا ومشينا، فلما كان اليوم الثاني صلى بنا الآخر إماما، ثم حضر مثل ذلك فأكلنا وانصرفنا.

فلما كان اليوم الثالث صليت بهما وقلت: اللهم إنك ولي النعم من غير استحقاق، وأنا عبدك الضعيف غير مستحق للنعم، قد رجعت إليك فيما أقصده، إنك على كل شيء قدير (١)، وإذا بالطبق بعينه وفيه رمان بزيادة، فأكلنا ثم انصرفنا، ثم أقمنا على ذلك أربعين يوما، كل يوم كذلك.

فلما كان بعدها قالا: (الخليفة) (٢) عليك اللَّه. قلت: وعليكما. وانصرف كل منا، ولم يسأل صاحبه عن شيء، ثم بقيت بعد ذلك مدة، والنعم متوافرة زائدة وللَّه الحمد.

[فصل]

عن محمد بن المبارك الصوري، قال: كنت مع إبراهيم بن أدهم في طريق بيت المقدس فنزلنا وقت القيلولة تحت شجرة رمان، فصلينا ركعات، فسمعت صوتا من أصلها: يا أبا إسحاق أكرمنا بأن تأكل منا شيئا، فطأطأ إبراهيم رأسه (٣) فقال ذلك الصوت ثلاثا: يا محمد كن شفيعا إليه ليتناول منا.

فقلت: يا أبا إسحاق لقد سمعت، ققام وأخذ رمانتين فأكل واحدة وناولني


(١) قال تعالى: ﴿كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِنْدَهَا رِزْقًا قَالَ يَامَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ (٣٧)﴾ [آل عمران: ٣٧].
(٢) كذا بالأصل.
(٣) قال إبراهيم بن بشار: بينما أنا وإبراهيم بن أدهم وأبو يوسف الغسولي وأبو عبد اللَّه السنجاري متوجهين إلى الإسكندرية فصرنا إلى نهر الأردن، فقعدنا نستريح، فقرب أبو يوسف كسَيْرَات يابسة، فأكلنا وحمدنا اللَّه، وقام بعضنا ليسقي إبراهيم فسارعه فدخل في الماء إلى ركبتيه ثم قال: بسم اللَّه، وشرب ثم حمد اللَّه، ثم خرج فمد رجليه ثم قال: يا أبا يوسف لو علم الملوك وأبناء الملوك ما نحن فيه من السرور والنعم إذًا لجالدونا عليه بأسيافهم. [تاريخ الإسلام للذهبي وفيات (١٦١ - ١٧٠)].

<<  <  ج: ص:  >  >>