للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خير الحديث كتاب اللَّه، وخير الهدي هدي محمد، وشر الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة" (١) ثم يقول: "أنا أولى بكل مؤمن من نفسه، من ترك مالًا لأهله، ومن ترك دينًا أو ضياعًا فإليَّ وعليَّ" (٢) أخرجه مسلم.

فالمحدث شرّ الأمور المؤذي للدين والقلب، إذ كله ظلم وغل.

فصل فيمن سنَّ سُنَّة حسنة أو سيئة

قال تعالى: ﴿وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا﴾ (٣) وهو ظاهر في مدح سؤالها في الدين، إذ هو المتبع المقتدى به، والمراد الحسن.

وقال تعالى: ﴿وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا﴾ (٤) فأكرم بهذا الإنعام، وبدأنا بالآية الأولى لاقتضائها الوقوع، وبه يتحقق الإمكان.

وروينا في صحيح مسلم من حديث جرير بن عبد اللَّه البجلي مرفوعًا (٥): "من سنَّ في الإسلام سُنَّة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها بعده من غير أن ينقص


(١) قوله : "وكل بدعة ضلالة" هذا عام مخصوص، والمراد غالب البدع، قال العلماء: البدعة خمسة أقسام: واجبة ومندوبة ومحرمة ومكروهة ومباحة، فمن الواجبة نظم أدلة المتكلمين للرد على الملاحدة والمبتدعين وشبه ذلك، ومن المندوبة تصنيف كتاب العلم وبناء المدارس والربط وغير ذلك، ومن المباح التَّبَسُّطُ في ألوان الأطعمة وغير ذلك، والحرام والمكروه ظاهران. "النووي في شرح مسلم [٦/ ١٣٥] طبعة دار الكتب العلمية".
(٢) أخرجه مسلم في صحيحه [٤٣ - (٨٦٧)] كتاب الجمعة، [١٣] باب تخفيف الصلاة والخطبة، وابن ماجه في سننه [٤٥] في المقدمة، [٧] باب اجتناب البدع والجدل، والبيهقي في السنن الكبرى [٣/ ٢٠٦]، والتبريزي في مشكاة المصابيح [١٤٠٧]، والزبيدي في الإتحاف [٣/ ٢٣٠، ٧/ ١١٤، ١١٥].
(٣) سورة الفرقان [٧٤].
قال ابن عباس والحسن والسدي وقتادة والربيع بن أنس: أئمة يقتدى بنا في الخير، وقال غيرهم: هداة مهتدين دعاة إلى الخير فأحبوا أن تكون عبادتهم متصلة بعبادة أولادهم وذرياتهم، وأن يكون هداهم تعديًا إلى غيرهم بالنفع، وذلك أكثر ثوابًا وأحسن مآبًا. تفسير ابن كثير [٣/ ٣٤٠].
(٤) سورة الأنبياء [٧٣].
(٥) قال النووي: فيه الحث على استحباب سن الأمور الحسنة وتحريم سن الأمور السيئة، وأن من سن سنة حسنة كان له مثل أجر كل من يعمل بها إلى يوم القيامة، ومن سن سنة سيئة كان عليه وزر كل من يحمل بها إلى يوم القيامة، وأن من دعا إلى هدى كان له مثل أجور متابعيه أو إلى ضلالة كان عليه مثل آثام تابعيه سواء كان ذلك الهدى والضلالة هو الذي ابتدأه أم كان مسبوقًا إليه، وسواء كان ذلك تعليم علم أو عبادة أو أدب أو غير ذلك. "النووي في شرح مسلم [١٦/ ١٨٥] طبعة دار الكتب العلمية".

<<  <  ج: ص:  >  >>