للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مجلس في قوله تعالى: ﴿شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ﴾ (١)

سمي الشهر شهرًا لشهرته، وقيل: من الشهرة، وهي البياض، ورمضان قيل إنه من أسماء اللَّه تعالى، وفيه حديث مرفوع، وفي اشتقاقه أقوال:

أحدها: لأنه رمضت فيه الفصال من الحر، أو لأن الحجارة ترمض من الحرارة، والرمضاء (٢) الحجارة المحماة.

ثانيها: لأنه يرمض الذنوب، أي يحرقها، أو لأن القلوب تأخذ فيه من حرارة الموعظة والفكر كما تأخذ الرمل والحجارة من حرارة الشمس.

ثالثها للخليل: أنه مأخوذ من الرمض وهو مطر يأتي في الخريف، فسُمِّي بَذلك لأنه يغسل البدن من الآثام غسلا، ويطهر قلوبهم تطهيرا.

﴿الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ﴾ [البقرة: ١٨٥] كذا ذكر في هذه الآية، وفي القدر: ﴿إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ (١)(٣)، وفي الدخان: ﴿إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ﴾ (٤).

وقال: ﴿وَقُرْآنًا فَرَقْنَاهُ﴾ (٥) الآية.


(١) سورة البقرة (١٨٥).
يمدح تعالى شهر رمضان من بين سائر الشهور بأن اختاره من بينهن لإنزال القرآن العظيم كما اختصه بذلك، قد ورد الحديث بأنه الشهر الذي كانت الكتب الإلهية تنزل فيه على الأنبياء. [تفسير ابن كثير (١/ ٢١٦)].
(٢) روى ابن أبي حاتم بسنده، وابن مردويه بسنده، وهذا لفظه، ورواية سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: "أنزل القرآن في النصف من شهر رمضان إلى السماء الدنيا، فجعل في بيت العزة، ثم أنزل على رسول اللَّه في عشرين سنة لجواب كلام الناس". وفي رواية عكرمة عن ابن عباس قال: نزل القرآن في شهر رمضان في ليلة القدر إلى هذه السماء الدنيا جملة واحدة، وكان اللَّه يحدث لنبيه ما يشاء ولا يجيء المشركون بمثل يخاصمون به إلا جاءهم اللَّه بجوابه.
(٣) سورة القدر (١). قال ابن عباس وغيره أنزل اللَّه القرآن جملة واحدة من اللوح المحفوظ إلى بيت العزة من السماء الدنيا، ثم نزل مفصلا بحسب الوقائع في ثلاث وعشرين سنة على رسول اللَّه . [تفسير ابن كثير (٤/ ٥٢٩)].
(٤) سورة الدخان (٤).
(٥) سورة الإسراء (١٠٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>