للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال: ﴿وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً﴾ (١)، ولا تنافي بينها؛ لأنه نزل جملة واحدة من اللوح المحفوظ في ليلة القدر من شهر رمضان، وهي الليلة المباركة، فوضع في بيت العزة في سماء الدنيا، ثم نزل به جبريل على محمد نحوا من عشرين سنة.

فكذلك قوله تعالى: ﴿فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ (٧٥)(٢)، وكان جبريل يعارض به في رمضان بما أنزل اللَّه، فيحكم اللَّه ما يشاء ويثبت ما يشاء.

وفي حديث أبي ذر مرفوعا: "أنزلت صحف إبراهيم في ثلاث ليال من رمضان، وأنزلت توراة موسى في ست ليال منه، والإنجيل في ثلاث عشرة منه، والزبور في ثمان عشرة منه، والفرقان في الرابعة والعشرين منه" (٣).

ثم وصف القرآن فقال: ﴿هُدًى لِلنَّاسِ﴾ أي من الضلالة.

﴿وَبَيِّنَاتٍ﴾ من الحلال والحرام والحدود والأحكام.

﴿مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ﴾ [البقرة: ١٨٥] (٤) الفصل بين الحق والباطل.


(١) سورة الفرقان (٣٢).
يقول تعالى مخبرا عن كثرة اعتراض الكفار وتعنتهم وكلامهم فيما لا يعنيهم حيث قالوا: ﴿لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً﴾ [الفرقان: ٣٢] أي هلا أنزل عليه هذا الكتاب الذي أوحي إليه جملة واحدة كما نزلت الكتب قبله جملة واحدة، كالتوراة والإنجيل والزبور وغيرها من الكتب الإلهية؟ فأجابهم اللَّه تعالى عن ذلك بأنه إنما نزل منجما في ثلاث وعشرين. [ابن كثير في تفسيره (٣/ ٣٢٧)].
(٢) سورة الواقعة (٧٥).
(٣) أخرجه أحمد في مسنده (٤/ ١٠٧)، والهيثمي في مجمع الزوائد (١/ ١٩٧)، والسيوطي في الدر المنثور (١/ ١٨٩)، والقرطبي في تفسيره (٢/ ٢٩٨، ١٦/ ١٢٦)، وابن كثير في البداية والنهاية (٣/ ٦)، وذكره الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة (١٥٧٥).
(٤) هذا مدح للقرآن الذي أنزله اللَّه هدى لقلوب العباد ممن آمن به وصدقه واتبعه ﴿وَبَيِّنَاتٍ﴾ [البقرة: ١٨٥] أي ودلائل وحجج بينة واضحة جلية لمن فهمها وتدبرها، دالة على صحة ما جاء به من الهدى المنافي للضلال، والرشد المخالف للغي، ومفرقا بين الحق والباطل والحلال والحرام.

<<  <  ج: ص:  >  >>