للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وروينا من حديث سهل بن سعد أنه : "أتى بشراب فشرب منه، وعن يمينه غلام وعن يساره أشياخ، فقال للغلام: "أتأذن لي أن أُعطي هؤلاء؟ " فقال الغلام: لا واللَّه لا أوثرُ بنصيبي منك أحدًا. قال: فتلَّه رسول اللَّه في يده" (١) أخرجاه. تلَّه (٢): أي وضعه، وهذا الغلام هو ابن عباس.

[فصل في كراهية الشرب من فم القربة ونحوها على وجه التنزيه لا التحريم]

روينا من حديث أبي سعيد الخدري قال: "نهى رسول اللَّه أن نشرب من فيّ السِّقاء والقربة" (٣) أخرجاه.

وروينا من حديث أم ثابت كبشة بنت ثابت أخت حسان بن ثابت. وعنها. قالت: "دخل علي رسول اللَّه فشرب من قربة مُعَلَّقة قائما، فقمت إلى فيها فقطعته". رواه الترمذي (٤) وقال: حسن صحيح. وإنما قطعتها لتحفظ موضع فمه وتتبرك به وتصونه عن الابتذال. وهذا الحديث محمول على بيان الجواز (٥)، وما قبله لبيان الأفضل والأكمل.


(١) أخرجه البخاري في صحيحه (٥٦٢٠) كتاب الأشربة، [١١٩] باب هل يستأذن الرجل من عن يمينه في الشراب ليعطي الأكبر، ومسلم في صحيحه [١٢٧ - (٢٠٣٠)] كتاب الأشربة، [١٧] باب استحباب إدارة الماء واللبن ونحوهما عن يمين المبتدئ، وأحمد في مسنده (٥/ ٣٣٣)، والبيهقي في السنن الكبرى (٧/ ٢٨٦)، ومالك في الموطأ (٩٢٧).
(٢) وقوله: "فتله في يده" أي وضعه فيها، وقد جاء في مسند أبي بكر بن أبي شيبة أن هذا الغلام هو عبد اللَّه بن عباس، ومن الأشياخ خالد بن الوليد ، قيل: إنما استأذن الغلام دون الأعرابي إدلالا على الغلام، وهو ابن عباس، وثقة بطيب نفسه بأصل الاستئذان، لاسيما والأشياخ أقاربه، قال القاضي عياض: وفي بعض الروايات عمك وابن عمك أتأذن لي أن أعطيهم، وفعل ذلك أيضًا تألفا لقلوب الأشياخ وإعلاما بودهم وإيثار كرامتهم إذا لم تمنع منها السنة. [النووي في شرح مسلم (١٣/ ١٦٩، ١٧٠) طبعة دار الكتب العلمية].
(٣) أخرجه البخاري في صحيحه (٥٦٢٥، ٥٦٢٦) كتاب الأشربة، [٢٣] باب اختناث الأسقية، وبلفظه عن أبي هريرة في البخاري (٥٦٢٧) كتاب الأشربة، [٢٤] باب الشرب من فم السقاء ومسلم في صحيحه [١١٠، ١١١ - (٢٠٢٣)] كتاب الأشربة، [١٣] باب آداب الطعام والشراب وأحكامهما، والترمذي (١٨٩٠) كتاب الأشربة، باب ما جاء في النهي عن اختناث الأسقية، وابن ماجه (٣٤٢١)، وأحمد في مسنده (٢/ ٢٣٠، ٤٨٧)، والبيهقي في السنن الكبرى (٧/ ٢٨٥)، والدارمي في سننه (٢/ ١١٩).
(٤) أخرجه الترمذي في سننه (١٨٩٢) كتاب الأشربة، باب ما جاء في الرخصة في ذلك، وابن ماجه في سننه في الأشربة، باب الشرب قائمًا.
(٥) قال النووي: اتفقوا على أن النهي عن اختناثها نهي تنزيه لا تحريم، ثم قيل سببه: إنه لا يؤمن =

<<  <  ج: ص:  >  >>