للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولدي سالما، وله حديث يحدثك به (١).

فقال الشاب: كنت بين يدي بعض ملوك الروم مع جماعة من الأسرى، وكان له إنسان يستخدمنا كل يوم، يخرجنا إلى الصحراء للخدمة ثم يردنا وعلينا قيودنا، فبينما نحن راجعون من العمل بعد المغرب مع صاحبه الذي كان يحفظنا، انفتح القيد من رجلي ووقع على الأرض، ووصف اليوم والساعة، فوافقا الوقت الذي جاءت فيه المرأة إلى الشيخ ودعا فيه لها.

قال فنهض الذي كان يحفظنا وصاح عليَّ وقال: كسرت القيد؟ فقلت لا بل سقط من رجلي، فتحير وأخبر صاحبه وأحضر الحداد، وقيدوني، فلما مشيت خطوات سقط القيد من رجلي ثانيا، فتحيروا في أمري، فدعوا رهبانهم، فقالوا لي: ألك والدة؟ قلت نعم، فقالوا: وافق دعاؤها الإجابة، وقالوا: أطلقوه فلا يمكننا نقيدك، فزودوني وأصحبوني إلى ناحية المسلمين.

[فصل]

حكي عن بعض التجار أنه قال: سافرت مرة ومعي دابة عليها قماش، فلما دخلت مصر واختلطت بالناس نظرت الدابة فلم أجدها (٢)، ففتشت عليها وسألت عنها، فلم أعلم لها خبرا، فقال لي بعض أصحابي: ائت الشيخ أبا العباس الدمنهوري لعله يدعو لك، وكنت أعرفه قبل ذلك.

فجئت إليه وسلمت عليه، وحكيت له قصتي، فما أصغى إلى كلامي ولا فرَّحني بحاجتي، ولكن قال: عندنا ضيفان نطلب لهم كيت وكيت من الدقيق واللحم والحوائج وغير ذلك، فخرجت من عنده وأنا أقول: واللَّه لا رجعت إلى هؤلاء الفقراء؛ ما يعرفون إلا حوائجهم، أتيت إليه وأنا مضرور فما سمع شكوى ولا دعا لي (٣)، بل طلب قضاء حاجته.


(١) روى الحاكم في المستدرك (١/ ٣٢٠) عن عبد اللَّه بن أبي أوفى قال: خرج علينا رسول اللَّه يوما فقعد فقال: "من كانت له حاجة إلى اللَّه أو إلى أحد من بني آدم فليتوضأ وليحسن وضوءه، ثم ليصل ركعتين ثم يثني على اللَّه ويصلي على النبي ، وليقل: لا إله إلا اللَّه الحليم الكريم، سبحان اللَّه رب العرش العظيم، الحمد للَّه رب العالمين، أسألك عزائم مغفرتك، والعصمة من كل ذنب، والسلامة من كل إثم".
(٢) روى ابن أبي شيبة في مصنفه (١٣٤٤٢) عن ابن عمر في الضالة يتوضأ ويصلي ركعتين ويتشهد ويقول: بسم اللَّه، يا هادي الضال وراد الضالة، اردد عليَّ ضالتي بعزتك وسلطانك، فإنها من عطائك وفضلك.
(٣) قال القاضي عياض: إن اللَّه أذن في دعائه وعلم الدعاء في كتابه لخليقته، وعلم النبي =

<<  <  ج: ص:  >  >>