للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فمضيت على هذه النية، فوجدت بعض من كان لي عليه دين (١) فأمسكته وقلت له: ما أفارقك حتى تخلصني، فدفع إليَّ ستين درهما، أو نحو ذلك، فلما حصل لي ذلك قلت في نفسي: واللَّه لأخطون معه بهذه، فإما يحصل لي الجميع وإلا ذهبت مع ما ذهب في سبيل اللَّه تعالى، فاشتريت جميع ما ذكر لي الشيخ وفضل معي فضلة، فاشتريت به علبة حلوى، وحملت الجميع على حمَّال وأتيت الشيخ، فلما وصلت قريب الزاوية إذا أنا بدابتي واقفة على باب الزاوية، فقلت في نفسي: هذه دابتي. ثم قلت: وأين دابتي؟ لعلها تشبهها، فلما دنوت منها وجدتها دابتي بعينها وعليها القماش بعينه كما هو، فتعجبت من ذلك ثم قلت: أخلي من يحفظها أو أدخل بها الزاوية لئلا تذهب؟ ثم قلت: الذي سلمها وحفظها عليَّ هو يحفظها، ثم دخلت على الشيخ فوضعت الحوائج بين يديه فاستعرضها حاجة حاجة حتى انتهى إلى علبة الحلاوة فقال: إيش هذه؟ قلت: يا سيدي فضلت معي فضلة فاشتريت بها هذه. فقال: هذه لم تكن داخلة في الشرط ولكن أزيدك بها زيادة؛ اذهب إلى القيسارية وبع قماشك ولا تعجل عليه، وكلما بعت شيئا اقبض ثمنه ولا تخف أن يرد عليك أحد من التجار، فالبحر في يميني والبر في شمالي (٢).

قال فمشيت إلى القيسارية فوجدت جميع ما كان معي من القماش مطلوبا، فبعته بزيادة كثيرة عن العادة جدًا، وكلما بعت شيئا قبضت ثمنه، فلما فرغت من ذلك أقبل التجار من البر والبحر كأنهم قد أُطْلِقُوا.


= الدعاء لأمته، واجتمعت فيه ثلاثة أشياء: العلم بالتوحيد، والعلم باللغة، والنصيحة للأمة، فلا ينبغي لأحد أن يعدل عن دعاءه ، وقد احتال الشيطان للناس في هذا المقام فقيض لهم قوم سوء يخترعون لهم أدعية يشتغلون بها عن الاقتداء بالنبي ، وأشد ما في الحال أنهم ينسبونها إلى الأنبياء والصالحين، [انظر مقدمة كتاب سلاح المؤمن لابن الإمام ص ٢٦، ٢٧].
(١) روى أبو داود في سننه (١٥٥٥) عن أبي سعيد قال: دخل رسول اللَّه ذات يوم المسجد فإذا برجل من الأنصار يقال له أبو أمامة، فقال: "يا أبا أمامة ما لي أراك جالسا في المسجد في غير وقت صلاة؟ " قال: هموم لزمتني وديون يا رسول اللَّه، قال: "أفلا أعلمك كلاما إذا قلته أذهب اللَّه همك، وقضى دينك؟ " قال: قلت: بلى يا رسول اللَّه، قال: "قل إذا أصبحت وإذا أمسيت: اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن، وأعوذ بك من العجز والكسل، وأعوذ بك من الجبن والبخل، وأعوذ بك من غلبة الدين وقهر الرجال" قال: ففعلت ذلك فأذهب اللَّه همي ووفى عني ديني.
(٢) قال تعالى: ﴿قُلْ مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ يُجِيرُ وَلَا يُجَارُ عَلَيْهِ﴾ [المؤمنون: ٨٨]. وقال تعالى: ﴿فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (٨٣)﴾ [يس: ٨٣].

<<  <  ج: ص:  >  >>