للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[مجلس في الفرج بعد الشدة]

قال تعالى: ﴿حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا﴾ (١).

وحديث ابن عمر في كشف الصخرة عن الثلاثة بصالح أعمالهم، (٢) مشهور وهو ثابت في الصحيح كما مر.

وروينا عن علي بن حرب قال: خرجت أنا وبعض شباب الموصل إلى الشط، فركبنا في زورق.

فلما بعدنا من البلد وتوسطنا الشط إذا سمكة كبيرة طفرت (٣) من الشط إلى وسط الزورق، فقام الشباب وتزلوا إلى حافة الشط ليجمعوا حطبا برسم السمكة، فنزلت معهم.

فبينما نحن نمشي على جانب الشط، وإذا بالقرب منا خرابة.

فذهبنا إليها نبصر آثارها، وإذا فيها شاب مكتوف وآخر مذبوح إلى جانبه، وبغل واقف عليه قماش فقلنا للشاب: ما قصتك؟ وما هذا المذبوح؟

فقال: إنني مكتر مع هذا المكاري، صاحب هذا البغل فعدل بي إلى هذا المكان وكتفنى كما ترون.

وقال: لابد من قتلك فعاهدته اللَّه لا يظلمني ولا يربح إثمي، ولا يعد مني روحي، بل يأخذ القماش، وهو في حِل منه.

وحلفت له باللَّه تعالى لا أغمز (٤) عليه أبدًا.

ومازلت أناشده اللَّه تعالى، وهو ما يفعل.


(١) سورة يوسف (١١٠).
(٢) قال النووي: استدل أصحابنا بهذا على أنه يستحب للإنسان أن يدعو في حال كربه، وفي دعاء الاستسقاء وغيره بصالح عمله، ويتوسل إلى اللَّه تعالى به لأن هؤلاء فعلوه فاستجيب لهم وذكره النبي في معرض الثناء عليهم وجميل فضائلهم. إلى أن قال النووي: وفيه إثبات كرامات الأولياء وهو مذهب أهل الحق. [النووي في شرح مسلم (١٧/ ٤٧) طبعة دار الكتب العلمية].
(٣) طَفَرَ فلان طفرًا قفر، وطفَّر الفرس وغيره النهر ونحوه جعله يقفز من فوقه.
(٤) غمرت بفلان سعي به شرًا، وعلى فلان: طعن فيه، والمغموز: المتهم بعيب، وتغامز القوم أشار بعضهم إلى بعض بأعينهم أو بأيديهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>