للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا يقبل اللَّه إلَّا الطيب. فإن اللَّه يتقبلها بيمينه ثم يُربِّيها لصاحبها كما يُربِّي أحدكم فلُوُّه حتى يكون مثل الجبل" (١). والفَلُوُّ بفتح الفاء وضم اللام وتشديد الواو، ويقال أيضًا بكسر الفاء وإسكان اللام وتخفيف الواو، وهو المُهْرُ.

وروينا في صحيح مسلم عنه مرفوعًا: "بينا رجل بفلاة من الأرض فسمع صوتًا في سحابة: اسق حديقة فلان. فتنحَّى ذلك السحاب فأفرغ ماءه في حرَّة، فإذا شرجة من تلك الشراج قد استوعبت ذلك الماء كله فتتبع الماء، فإذا رجل قائم في حديقته يُحَوِّل الماء بمِسْحاتِهِ فقال له: يا عبد اللَّه، ما اسمك؟ قال: فلان. للإسم الذي سمع في السحاب، فقال له: يا عبد اللَّه، لم تسألني عن اسمي؟ فقال: إني سمعت صوتًا في السحاب الذي هذا ماؤه يقول: اسق حديقة فلان لاسمك، فما تصنع فيها؟ قال: أما إذا قلت هذا، فإني أنظر إلى ما يخرج منها فأتصدق بثلثه وآكل أنا وعيالي ثلثًا وأردُّ فيه ثُلُثه" (٢). الحرَّة: أرض بها حجارة سود. والشرجة. بفتح الشين المعجمة وإسكان الراء وبالجيم: مسيل الماء (٣).

فصل في النهي عن البخل والشُّحِّ

قال تعالى: ﴿وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى (٨)(٤) الآية. وقال: ﴿وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ﴾ (٥) الآية. وتقدمت جملة من الأحاديث في الباب السابق.


(١) أخرجه البخاري في صحيحه (١٤١٠) كتاب الزكاة، [٨] باب الصدقة من كسب طيب، ومسلم في صحيحه [٦٤ - (١٠١٤)] كتاب الزكاة، [١٩] باب قبول الصدقة من الكسب الطيب وتربيتها، وأحمد في مسنده (٢/ ٣٣١)، والبيهقي في السنن الكبرى (٤/ ١٧٧، ١٩٠)، والمنذري في الترغيب والترهيب (٢/ ٣)، والسيوطي في الدر المنثور (١/ ٣٦٥)، والزبيدي في الإتحاف (٤/ ١٢٦، ١٤٦).
(٢) أخرجه مسلم في صحيحه [٤٥ - (٢٩٨٤)] كتاب الزهد والرقائق، [٤] باب الصدقة في المساكين، وأحمد في المسند (٢/ ٢٩٦)، والبيهقي في السنن الكبرى (٤/ ١٢٣)، والزبيدي في الإتحاف (٩/ ١٢٥)، والمنذري في الترغيب والترهيب (٢/ ٧).
(٣) قال النووي: قوله : "فتنحى ذلك السحاب فأفرغ ماءه في حرة، فإذا شرجة من تلك الشراج" معنى تنحى قصد، يقال: تنحيت الشيء وانتحيته ونحوته إذا قصدته، ومنه سمي علم النحو؛ لأنه قصد كلام العرب. وأما الحرة: بفتح الحاء فهي أرض ملبسة حجارة سوداء. والشرجة: بفتح الشين المعجمة وإسكان الراء، وجمعها شراج بكسر الشين، وهي مسايل الماء في الحرار، وفي الحديث فضل الصدقة والإحسان إلى المساكين وأبناء السبيل، وفضل أكل الإنسان من كسبه والإنفاق على العيال. [النووي في شرح مسلم (١٨/ ٨٩) طبعة دار الكتب العلمية].
(٤) سورة الليل (٨).
(٥) سورة الحشر (٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>