للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[مجلس في استحباب تقديم اليمين في كل ما هو من باب التكريم]

كالوضوء والغسل والتَّيمم ولبس الثوب والنعل والحق والسراويل ودخول المسجد والسواك والاكتحال وقمى الشارب ونتف الإبط وحلق الرأس والسَّلام في الصلاة والأكل والشرب (١) والمصافحة واستلام الحجر الأسود والخروج من الخلاء والأخذ والعطاء وغير ذلك مما هو في معناه. ويستحب تقديم اليسار في ضد ذلك، كالامتخاط والبصاق عن اليسار ودخول الخلاء والخروج من المسجد وخلع الخُفِّ والنعل والسراويل والثوب والاستنجاء وفعل المستقذرات وشبه ذلك. قال تعالى: ﴿فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ (١٩)(٢) فالمفلح يؤتى كتابه بيمينه لأنه كتاب كريم، وضدُّه بخلافه. وقال تعالى: ﴿فَأَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ (٨) وَأَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ (٩)(٣). أخبر تعالى أن أصحاب الميمنة لهم شأن لأنهم


(١) قال النووي في قوله : "لا تأكلوا بالشمال، فإن الشيطان يأكل بالشمال" وفي رواية ابن عمر "يأكل بشماله ويشرب بشماله": فيه استحباب الأكل والشرب باليمين وكراهتهما بالشمال، وقد زاد نافع الأخذ والإعطاء، وهذا إذا لم يكن عذر، فإن كان عذر يمنع الأكل والشرب باليمين من مرض أو جراحة أو غير ذلك فلا كراهة في الشمال، وفيه أنه ينبغي اجتناب الأفعال التي تشبه أفعال الشيطان، وأن للشيطان يدين. [النووي في شرح مسلم (٣/ ١٦٢) طبعة دار الكتب العلمية].
(٢) سورة الحاقة (١٩).
يخبر تعالى عن سعادة من يؤتى كتابه يوم القيامة بيمينه وفرحه بذلك، وأنه من شدة فرحه يقول لكل من لقيه: ﴿هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ﴾ [الحاقة: ١٩] أي خذوا اقرأوا كتابيه؛ لأنه يحلم أن الذي فيه خير وحسنات محضة؛ لأنه ممن بدل اللَّه سيئاته حسنات، قال عبد الرحمن ابن زيد: معنى ﴿هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ﴾ [الحاقة: ١٩] أي ها اقرأوا كتابيه، و"ؤم" زائدة، كذا قال، والظاهر أنها بمعنى "هاكم". [تفسير ابن كثير (٤/ ٤١٥)].
(٣) سورة الواقعة (٨، ٩).
هكذا قسمهم إلي هذه الأنواع الثلانة، وهكذا ذكرهم في قوله تعالى: ﴿ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ﴾ [فاطر: ٣] الآية، وذلك على أحد القولين في الظالم لنفسه.
وقال الإمام أحمد في مسنده بسنده عن معاذ بن جبل: أن رسول اللَّه تلا هذه الآية ﴿وَأَصْحَابُ =

<<  <  ج: ص:  >  >>